الوجه عبارة عنه عز وجل، كما قال: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧]. وقال بعض الأئمة: تلك صفة ثابتة بالسمع زائدة على ما توجبه العقول من صفات القديم تعالى. قال ابن عطية: وضعف أبو المعالي هذا القول، وهو كذلك ضعيف، وإنما المراد وجوده. وقيل: المراد بالوجه هنا الجهة التي وجهنا إليها أي القبلة. وقيل: الوجه القصد، كما قال الشاعر:

أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل
وقيل: المعنى فثم رضا الله وثوابه، كما قال: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان: ٩] أي لرضائه وطلب ثوابه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من بنى مسجدا يبتغي به وجه لله بنى الله له مثله في الجنة". وقوله: "يجاء يوم القيامة بصحف مختمة فتنصب بين يدي الله تعالى فيقول عز وجل لملائكته ألقوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملائكة وعزتك يا ربنا ما رأينا إلا خيرا وهو اعلم فيقول إن هذا كان لغير وجهي ولا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي" أي خالصا لي، خرجه الدارقطني. وقيل: المراد فثم الله، والوجه صلة، وهو كقوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾. قاله الكلبي والقتبي، ونحوه قول المعتزلة.
الخامسة- قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ أي يوسع على عباده في دينهم، ولا يكلفهم ما ليس في وسعهم. وقيل: "واسع" بمعنى أنه يسع علمه كل شيء، كما قال: ﴿وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ [طه: ٩٨]. وقال الفراء: الواسع هو الجواد الذي يسع عطاؤه كل شيء، دليله قوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦]. وقيل: واسع المغفرة أي لا يتعاظمه ذنب. وقيل: متفضل على العباد وغني عن أعمالهم، يقال: فلان يسع ما يسأل، أي لا يبخل، قال الله تعالى: ﴿لينفق ذو سعة من سعته﴾ [الطلاق: ٧] أي لينفق الغني مما أعطاه الله. وقد أتينا عليه في الكتاب "الأسنى" والحمد لله.
الآية: ١١٦ ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon