ومعنى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ أي اقرأ ما أنزل إليك من القرآن مفتتحا باسم ربك، وهو أن تذكر التسمية في ابتداء كل سورة. فمحل الباء من ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ النصب على الحال. وقيل: الباء بمعنى على، أي اقرأ على اسم ربك. يقال: فعل كذا باسم اللّه، وعلى اسم اللّه. وعلى هذا فالمقروء محذوف، أي اقرأ القرآن، وافتتحه باسم اللّه. وقال قوم: اسم ربك هو القرآن، فهو يقول: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ أي اسم ربك، والباء زائدة؛ كقوله تعالى ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾، وكما قال:
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
أراد: لا يقرأن السور. وقيل: معنى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ أي اذكر اسمه. أمره أن يبتدئ القراءة باسم اللّه.
٢- ﴿خلق الإنسان من علق﴾
قوله تعالى: "خلق الإنسان" "خلق الإنسان" يعني ابن آدم. "من علق" أي من دم؛ جمع علقة، والعلقة الدم الجامد؛ وإذا جرى فهو المسفوح. وقال: "من علق" فذكره بلفظ الجمع؛ لأنه أراد بالإنسان الجمع، وكلهم خلقوا من علق بعد النطفة. والعلقة: قطعة من دم رطب، سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه، فإذا جفت لم تكن علقة. قال الشاعر:

تركناه يخر على يديه يمج عليهما علق الوتين
وخص الإنسان بالذكر تشريفا له. وقيل: أراد أن يبين قدر نعمته عليه، بأن خلقه من علقة مهينة، حتى صار بشرا سويا، وعاقلا مميزا.
٣- ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾
قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ﴾ تأكيد، وتم الكلام، ثم استأنف فقال: ﴿وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ أي الكريم. وقال الكلبي: يعني الحليم عن جهل العباد، فلم يعجل بعقوبتهم. والأول أشبه


الصفحة التالية
Icon