تقدم. وقال الضحاك عن ابن عباس: ﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ أي يدفعه عن حقه. قتادة: يقهره ويظلمه. والمعنى متقارب. وقد تقدم في سورة "النساء" أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار، ويقولون: إنما يحوز المال من يطعن بالسنان، ويضرب بالحسام. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: "من ضم يتيما من المسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة". وقد مضى هذا المعنى في غير موضع.
الثانية- قوله تعالى: ﴿وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ أي لا يأمر به، من أجل بخله وتكذيبه بالجزاء. وهو مثل قوله تعالى في سورة الحاقة: ﴿وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ وقد تقدم. وليس الذم عاما حتى يتناول من تركه عجزا، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم، ويقولون: ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ﴾، فنزلت هذه الآية فيهم، وتوجه الذم إليهم. فيكون معنى الكلام: لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا.
الثالثة- قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ أي عذاب لهم. وقد تقدم في غير موضع. ﴿الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ فروى الضحاك عن ابن عباس قال هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا، وإن تركها لم يخش عليها عقابا. وعنه أيضا: الذين يؤخرونها عن أوقاتها. وكذا روى المغيرة عن إبراهيم، قال: ساهون بإضاعة الوقت. وعن أبي العالية: لا يصلونها لمواقيتها، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها.
قلت: ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ﴾ حسب ما تقدم بيانه في سورة "مريم" عليها السلام. وروي عن إبراهيم أيضا: أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا. وقال قطرب: هو ألا يقرأ ولا يذكر الله. وفي قراءة عبدالله ﴿الذين هم عن صلاتهم لاهون﴾. وقال سعد بن أبي وقاص: قال النبي ﷺ [في قوله]:


الصفحة التالية
Icon