طعامها، ثم التفتت إليه فقالت له: ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فقال رسول الله ﷺ تصديقا لقولها: " لا قدست أمة - أو كيف تقدس أمة - لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها ". قال ابن عطية: في قول أبي موسى "الكرسي موضع القدمين" يريد هو من عرش الرحمن كموضع القدمين من أسرة الملوك، فهو مخلوق عظيم بين يدي العرش نسبته إليه كنسبة الكرسي إلى سرير الملك. وقال الحسن بن أبي الحسن: الكرسي هو العرش نفسه؛ وهذا ليس بمرضي، والذي تقتضيه الأحاديث أن الكرسي مخلوق بين يدي العرش والعرش أعظم منه. وروى أبو إدريس الخولاني عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله، أي ما أنزل عليك أعظم ؟ قال: "آية الكرسي - ثم قال - يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة ". أخرجه الآجري وأبو حاتم البستي في صحيح مسنده والبيهقي وذكر أنه صحيح. وقال مجاهد: ما السماوات والأرض في الكرسي إلا بمنزلة حلقة ملقاة في أرض فلاة. وهذه الآية منبئة عن عظم مخلوقات الله تعالى، ويستفاد من ذلك عظم قدرة الله عز وجل إذ لا يؤده حفظ هذا الأمر العظيم.
و ﴿ يَؤُودُهُ﴾ معناه يثقله؛ يقال: آدني الشيء بمعنى أثقلني وتحملت منه المشقة، وبهذا فسر اللفظة ابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم. قال الزجاج: فجائز أن تكون الهاء لله عز وجل، وجائز أن تكون للكرسي؛ وإذا كانت للكرسي؛ فهو من أمر الله تعالى. و"العلي" يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان؛ لأن الله منزه عن التحيز. وحكى الطبري عن قوم أنهم قالوا: هو العلي عن خلقه بارتفاع مكانه عن أماكن خلقه. قال ابن عطية: وهذا قول جهلة مجسمين، وكان الوجه ألا يحكى. وعن عبدالرحمن بن قرط أن رسول الله ﷺ ليلة أسري به سمع تسبيحا في السماوات العلى: سبحان الله العلي الأعلى سبحانه وتعالى. والعلي والعالي: القاهر الغالب للأشياء؛ تقول العرب: علا فلان فلانا أي غلبه وقهره؛ قال الشاعر:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
فلما علونا واستوينا عليهم تركناهم صرعى لنسر وكاسر