يزهر كل ليلة بمصابيح. قال: " فلعله يقرأ سورة البقرة" فسئل ثابت قال: قرأت من سورة البقرة "آمن الرسول" نزلت حين شق على أصحاب النبي ﷺ ما توعدهم الله تعالى به من محاسبتهم. على ما أخفته نفوسهم، فشكوا ذلك إلى النبي ﷺ فقال: " فلعلكم تقولون سمعنا وعصينا كما قالت بنو إسرائيل" قالوا: بل سمعنا وأطعنا، فأنزل الله تعالى ثناء عليهم: ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ﴾ فقال صلى الله عليه وسلم: "وحق لهم أن يؤمنوا".
قوله تعالى: ﴿آمَنَ﴾ أي صدق، وقد تقدم. والذي أنزل هو القرآن. وقرأ ابن مسعود "وآمن المؤمنون كل آمن بالله" على اللفظ، ويجوز في غير القرآن "آمنوا" على المعنى. وقرأ نافع وابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر ﴿وَكُتُبِهِ﴾ على الجمع. وقرؤوا في "التحريم" كتابه، على التوحيد. وقرأ أبو عمرو هنا وفي "التحريم" و"كتبه" على الجمع. وقرأ حمزة والكسائي "وكتابه" على التوحيد فيهما. فمن جمع أراد جمع كتاب، ومن أفرد أراد المصدر الذي يجمع كل مكتوب كان نزوله من عند الله. ويجوز في قراءة من وحد أن يراد به الجمع يكون الكتاب اسما للجنس فتستوي القراءتان، قال الله تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ﴾ [البقرة: ٢١٣]. قرأت الجماعة "ورسله" بضم السين، وكذلك "رسُلنا ورسُلكم ورسلك"، إلا أبا عمرو فروي عنه تخفيف "رسْلنا ورسْلكم"، وروي عنه في "رسلك" التثقيل والتخفيف. قال أبو علي: من قرأ "رسلك" بالتثقيل فذلك أصل الكلمة، ومن خفف فكما يخفف في الآحاد، مثل عنق وطنب. وإذا خفف في الآحاد فذلك أحرى في الجمع الذي هو أثقل، وقال معناه مكي. وقرأ جمهور الناس "لا نفرق" بالنون، والمعنى يقولون لا نفرق، فحذف القول، وحذف القول كثير، قال الله تعالى: ﴿وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ﴾ [الرعد: ٢٣]: أي يقولون سلام عليكم. وقال: ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً﴾ [آل عمران: ١٩١] أي يقولون


الصفحة التالية
Icon