كمفحص قطاة. وقد قال ﷺ لابن أبي حدرد وقد جاء يستعينه في مهره، فسأله عنه فقال: مائتين؛ فغضب رسول الله ﷺ وقال: "كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحرة أو جبل". فاستقرأ بعض الناس من هذا منع المغالاة بالمهور؛ وهذا لا يلزم، وإنكار النبي ﷺ على هذا الرجل المتزوج ليس إنكارا لأجل المغالاة والإكثار في المهور، وإنما الإنكار لأنه كان فقيرا في تلك الحال فأحوج نفسه إلى الاستعانة والسؤال، وهذا مكروه باتفاق. وقد أصدق عمر أم كلثوم بنت علي من فاطمة رضوان الله عليهم أربعين ألف درهم. وروى أبو داود عن عقبة بن عامر أن النبي ﷺ قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة" ؟ قال: نعم. وقال للمرأة: "أترضين أن أزوجك فلانا" ؟ قالت: نعم. فزوج أحدهما من صاحب؛ فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقا ولم يعطها شيئا، وكان ممن شهد الحديبية وله سهم بخيبر؛ فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله ﷺ زوجني فلانة ولم أفرض لها صداقا ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم أني قد أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر؛ فأخذت سهمها فباعته بمائة ألف. وقد أجمع العلماء على ألا تحديد في أكثر الصداق؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً ﴾ واختلفوا في أقله، وسيأتي عند قوله تعالى: ﴿ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ﴾. ومضى القول في تحديد القنطار في "آل عمران". وقرأ ابن محيصن "وآتيتم احداهن" بوصل ألف "إحداهن" وهي لغة؛ ومنه قول الشاعر:
وتسمع من تحت العجاج لها ازملا
وقول الآخر:
إن لم أقاتل فألبسوني برقعا
قوله تعالى: ﴿ فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ﴾ قال بكر بن عبدالله المزني: لا يأخذ الزوج من المختلعة شيئا؛ لقول الله تعالى: ﴿ فَلا تَأْخُذُوا ﴾، وجعلها ناسخة لآية "البقرة". وقال ابن زيد وغيره: هي منسوخة بقوله تعالى في سورة البقرة: { وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا


الصفحة التالية
Icon