الخامسة- فإن اشتركوا في السرقة بأن نقب واحد الحرز وأخرج آخر، فإن كانا متعاونين قطعا. وإن انفرد كل منهما بفعله دون اتفاق بينهما، بأن يجيء آخر فيخرج فلا قطع على واحد منهما. وإن تعاونا في النقب وانفرد أحدهما بالإخراج فالقطع عليه خاصة؛ وقال الشافعي: لا قطع؛ لأن هذا نقب ولم يسرق، والآخر سرق من حرز مهتوك الحرمة. وقال أبو حنيفة: إن شارك في النقب ودخل وأخذ قطع. ولا يشترط في الاشتراك في النقب التحامل على آلة واحدة، بل التعاقب في الضرب تحصل به الشركة.
السادسة- ولو دخل أحدهما فأخرج المتاع إلى باب الحرز فأدخل الآخر يده فأخذه فعليه القطع، ويعاقب الأول؛ وقال أشهب: يقطعان. وإن وضعه خارج الحرز فعليه القطع لا على الآخذ، وإن وضعه في وسط النقب فأخذه الآخر والتقت أيديهما في النقب قطعا جميعا.
السابعة- والقبر والمسجد حرز، فيقطع النباش عند الأكثر؛ وقال أبو حنيفة: لا قطع عليه؛ لأنه سرق من غير حرز ما معرضا للتلف لا مالك له؛ لأن الميت لا يملك. ومنهم من ينكر السرقة؛ لأنه ليس فيه ساكن، وإنما تكون السرقة بحيث تتقى الأعين، ويتحفظ من الناس؛ وعلى نفي السرقة عول أهل ما وراء النهر. وقال الجمهور: هو سارق لأنه تدرع الليل لباسا وأتقى الأعين، وقصد وقتا لا ناظر فيه ولا ما عليه، فكان بمنزلة ما لو سرق في وقت بروز الناس للعيد، وخلو البلد من جميعهم. وأما قولهم: إن القبر غير حرز فباطل؛ لأن حرز كل شيء بحسب حال الممكنة فيه. وأما قولهم: إن الميت لا ملك فباطل أيضا؛ لأنه لا يجوز ترك الميت عاريا فصارت هذه الحاجة قاضية بأن القبر حرز. وقد نبه الله تعالى عليه بقول: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وَأَمْوَاتاً﴾ ليسكن فيها حيا، ويدفن فيها ميتا. وأما قولهم: إنه عرضة للتلف؛ فكل ما يلبسه الحي أيضا معرض للتلف والإخلاق بلباسه، إلا أن أحد الأمرين أعجل من الثاني؛ وقد روى أبو داود عن أبي ذر قال: دعاني رسول الله ﷺ فقال: "كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف"، يعني


الصفحة التالية
Icon