قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ﴾ قال الحسن: هو الرجم. وقال قتادة: هو القود. ويقال: هل يدل قوله تعالى: ﴿فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ﴾ على أنه لم ينسخ؟ الجواب: قال أبو علي: نعم؛ لأنه لو نسخ لم يطلق عليه بعد النسخ أنه حكم الله، كما لا يطلق أن حكم الله تحليل الخمر أو تحريم السبت. وقوله: ﴿وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ أي بحكمك أنه من عند الله. وقال أبو علي: إن من طلب غير حكم الله من حيث لم يرضى به فهو كافر؛ وهذه حالة اليهود.
٤٤- ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ﴾ أي بيان وضياء وتعريف أن محمدا ﷺ حق. ﴿هُدىً﴾ في موضع رفع بالابتداء ﴿وَنُورٌ﴾ عطف عليه. ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا﴾ قيل: المراد بالنبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وعبر عنه بلفظ الجمع. وقيل: كل من بعث من بعد موسى بإقامة التوراة، وأن اليهود قالت: إن الأنبياء كانوا يهودا. وقالت النصارى: كانوا نصارى؛ فبين الله عز وجل كذبهم. ومعنى ﴿أَسْلَمُوا﴾ صدقوا بالتوراة من لدن موسى إلى زمان عيسى عليهما السلام وبينهما ألف نبي؛ ويقال: أربعة آلاف. ويقال: أكثر من ذلك، كانوا يحكمون بما في التوراة. وقيل: معنى ﴿أَسْلَمُوا﴾ خضعوا وانقادوا لأمر الله فيما بعثوا به. وقيل: أي يحكم بها النبيون الذين هم على دين إبراهيم ﷺ والمعنى واحد. و ﴿الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾ ههنا نعت فيه معنى المدح مثل