بعضهم بعضا. وتنادوا أي جلسوا في النادي، وناداه جالسه في النادي. وليس في كتاب الله تعالى ذكر الأذان إلا في هذه الآية، أما أنه ذكر في الجمعة على الاختصاص.
الثانية- قال العلماء: ولم يكن الأذان بمكة قبل الهجرة، وإنما كانوا ينادون "الصلاة جامعة" فلما هاجر النبي ﷺ وصرفت القبلة إلى الكعبة أمر بالأذان، وبقي "الصلاة جامعة" للأمر يعرض. وكان النبي ﷺ قد أهمه أمر الأذان حتى أريه عبدالله بن زيد، وعمر بن الخطاب، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه. وقد كان النبي ﷺ سمع الأذان ليلة الإسراء في السماء، وأما رؤيا عبدالله بن زيد الخزرجي الأنصاري وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فمشهورة؛ وأن عبدالله بن زيد أخبر النبي ﷺ بذلك ليلا طرقه به، وأن عمر رضي الله عنه قال: إذا أصبحت أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأمر النبي ﷺ بلالا فأذن بالصلاة أذان الناس اليوم. وزاد بلال في الصبح "الصلاة خير من النوم" فأقرها رسول الله ﷺ وليست فيما أري الأنصاري؛ ذكره ابن سعد عن ابن عمر. وذكر الدارقطني رحمه الله أن الصديق رضي الله عنه أري الأذان، وأنه أخبر النبي ﷺ بذلك، وأن النبي ﷺ أمر بلالا قبل أن يخبره الأنصاري؛ ذكره في كتاب "المدبج" له في حديث النبي ﷺ عن أبي بكر الصديق وحديث أبي بكر عنه.
الثالثة- واختلف العلماء في وجوب الأذان والإقامة؛ فأما مالك وأصحابه فإن الأذان عندهم إنما يجب في المساجد للجماعات حيث يجتمع الناس، وقد نص على ذلك مالك في موطئه. واختلف المتأخرون من أصحابه على قولين: أحدهما: سنة مؤكدة واجبة على الكفاية في المصر وما جرى مجرى المصر من القرى. وقال بعضهم: هو فرض على الكفاية. وكذلك اختلف أصحاب الشافعي، وحكى الطبري عن مالك قال: إن ترك أهل مصر الأذان عامدين أعادوا الصلاة؛ قال أبو عمر: ولا أعلم اختلافا في وجوب الأذان جملة على أهل المصر؛ لأن الأذان هو العلامة الدالة المفرقة بين دار الإسلام ودار الكفر؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم