قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}
قوله تعالى: ﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ أوقعهما في الهلاك. قال ابن عباس: غرهما باليمين. وكان يظن آدم أنه لا يحلف أحد بالله كاذبا، فغررهما بوسوسته وقسمه لهما. وقال قتادة: حلف بالله لهما حتى خدعهما. وقد يخدع المؤمن بالله. كان بعض العلماء يقول: من خادعنا بالله خدعنا. وفي الحديث عنه صلى: "المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم". وأنشد نفطويه:

إن الكريم إذا تشاء خدعته وترى اللئيم مجربا لا يخدع
﴿فَدَلَّاهُمَا﴾ يقال: أدلى دلوه: أرسلها. ودلاها: أخرجها. وقيل: ﴿دَلَّاهُمَا﴾ أي دللهما؛ من الدالة وهي الجرأة. أي جرأهما على المعصية فخرجا من الجنة.
قوله تعالى ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾
فيه ثلاث مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ﴾ أي أكلا منها. ﴿بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا﴾ أكلت حواء أولا فلم يصبها شيء؛ فلما أكل آدم حلت العقوبة؛ لأن النهي ورد عليهما كما تقدم في "البقرة". قال ابن عباس: تقلص النور الذي كان لباسهما فصار أظفارا في الأيدي والأرجل.
الثانية:- قوله تعالى: ﴿وَطَفِقَا﴾ ويجوز إسكان الفاء. وحكى الأخفش طفق يطفق؛ مثل ضرب يضرب. يقال: طفق، أي أخذ في الفعل. ﴿يَخْصِفَانِ﴾ وقرأ الحسن بكسر الخاء


الصفحة التالية
Icon