وَحِيداً} [المدثر: ١١] وقوله: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا﴾ [الحجر: ٣]. وهو الظاهر من الآية؛ لقوله تعالى: ﴿سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. والله أعلم.
الآية: ١٨١ ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾
في الخبر أن النبي ﷺ قال: "هم هذه الأمة" وروي أنه قال: "هذه لكم وقد أعطى الله قوم موسى مثلها" وقرأ هذه الآية وقال: "إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم". فدلت الآية على أن الله عز وجل لا يخلي الدنيا في وقت من الأوقات من داع يدعو إلى الحق.
الآية: ١٨٢ ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾
أخبر تعالى عمن كذب بآياته أنه سيستدرجهم. قال ابن عباس: هم أهل مكة. والاستدراج هو الأخذ بالتدريج، منزلة بعد منزلة. والدرج: لف الشيء؛ يقال: أدرجته ودرجته. ومنه أدرج الميت في أكفانه. وقيل: هو من الدرجة؛ فالاستدراج أن يحط درجة بعد درجة إلى المقصود. قال الضحاك: كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة. وقيل لذي النون: ما أقصى ما يخدع به العبد؟ قال: بالألطاف والكرامات؛ لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر؛ وأنشدوا:

أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر
الآية: ١٨٣ ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾
قوله تعالى: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ﴾ أي أطيل لهم المدة وأمهلهم وأؤخر عقوبتهم. ﴿إِنَّ كَيْدِي﴾ أي مكري. ﴿مَتِينٌ﴾ أي شديد قوي. وأصله من المتن، وهو اللحم الغليظ الذي عن جانب


الصفحة التالية
Icon