بنو الأوس الغطارف وازرتها بنو النجار في الدين الصليب
فغادرنا أبا جهل صريعا وعتبة قد تركنا بالجبوب
وشيبة قد تركنا في رجال ذوي نسب إذا نسبوا حسيب
يناديهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القليب
ألم تجدوا كلامي كان حقا وأمر الله يأخذ بالقلوب
فما نطقوا، ولو نطقوا لقالوا أصبت وكنت ذا رأي مصيب
وهنا ثلاث مسائل:
الأولى: قال مالك: بلغني أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "كيف أهل بدر فيكم"؟ قال: "خيارنا" فقال: "إنهم كذلك فينا". فدل هذا على أن شرف المخلوقات ليس بالذوات، وإنما هو بالأفعال. فللملائكة أفعالها الشريفة من المواظبة على التسبيح الدائم. ولنا أفعالنا بالإخلاص بالطاعة. وتتفاضل الطاعات بتفضيل الشرع لها، وأفضلها الجهاد، وأفضل الجهاد يوم بدر؛ لأن بناء الإسلام كان عليه.
الثانية: ودل خروج النبي ﷺ ليلقى العير على جواز النفير للغنيمة لأنها كسب حلال. وهو يرد ما كره مالك من ذلك؛ إذ قال: ذلك قتال على الدنيا، وما جاء أن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله دون من يقاتل للغنيمة، يراد به إذا كان قصده وحده وليس للدين فيه حظ. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: قالوا للنبي ﷺ حين فرغ من بدر: عليك بالعير، ليس دونها شيء. فناداه العباس وهو في الأسرى: لا يصلح هذا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم"؟ قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك الله ما وعدك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:


الصفحة التالية
Icon