صفحة رقم ١٢١
فقال الحسن : انقلب حيواناً لحماً ودماً، وقال غيره لا يجوز لأن ذلك من آيات الله عز وجل التي لا يُظْهِرُها إلاَّ لمعجزَةِ نبيٍّ، وإنما جعل فيه خروقاً تَدْخُلُها الرِّيحُ، فَيَحْدُثُ فيهِ صوتٌ كالخوار.
ودافع من تابع الحسن على قوله هذا، بوجهين :
أحدهما : أنه لما قال : هذا إلهكم وإلهُ موسى، فقد أبطل على نفسه أن يدَّعِيَ بذلك إعجاز الأنبياء، فجاز أن يصح ذلك منه امتحاناً.
والثاني : أن ذلك لا يجوز في غير زمان الأنبياء، ويجوز في زمان الأنبياء، لأنهم يُظهِرُون إبطاله، وقد كان ذلك في زمان نبيَّيْنِ. واختلفوا في تسميته عجلاً :
فقال أبو العالية : لأنهم عَجِلُوا، فاتخذوه إلهاً، قبل أن يأتيهم موسى، وقال غيره : بل سُمِّيَ بذلك، لأنه صار عجلاً جسداً له خُوَارٌ.
ثُمَّ إنهم عكفوا على العجل يعبدونه، فقال لهم هارون من قبل : يا قومِ إنما فتنتم به، وإن ربكم الرحمن، فاتبعوني، وأطيعوا أمري، قالوا : لن نبرح عليه عاكفين، حتى يرجع إلينا موسى.
قوله عز وجل :) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ } " [ طه : ٩٠ ؛ ٩١ ] :
أما ( إذ ) فاسم للوقت الماضي، و ( إذا ) اسم للوقت المستقبل، و ( الكتاب ) هو التوراة. وفي الفرقان أربعةُ أقاويلَ :
أحدها : أن الفُرْقان هو الكتاب فذكره باسمين تأكيداً، وهو قول الفراء.
والثاني : أن الفُرْقَانَ : ما في التوراة من فَرْقٍ بني الحقِّ والباطلِ، فيكون ذلك نعتاً للتوراة، وهذا قول ابن عباس وأبي العالية.
والثالث : أن الفرقان النصر، الذي فرَّق الله به بين موسى وفرعون، حتى أنجى موسى وقومَهُ، وأغرق فرعون وقومهُ، وهذا قول أبي زيدٍ.


الصفحة التالية
Icon