صفحة رقم ٧٣
والثالث : أنه إخبار من الله تعالى عن كفرهم وإعراضهم عن سماع ما دعوا إليه من الحق، تشبيهاً بما قد انسدَّ وختم عليه، فلا يدخله خير.
والرابع : أنها شهادة من الله تعالى على قلوبهم، بأنها لا تعي الذكر ولا تقبل الحقَّ، وعلى أسماعهم بأنها لا تصغي إليه، والغشاوة : تعاميهم عن الحق. وسُمِّي القلب قلباً لتقلُّبِهِ بالخواطر، وقد قيل :
ما سُمِّيَ الْقَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبِهِ
وَالرَّأْيُ يَصْرِفُ، والإنْسَانُ أَطْوَارُ
والغشاوة : الغطاء الشامل.
( البقرة :( ٨ - ٩ ) ومن الناس من.....
" ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون " ( قوله تعالى :) يُخَادِعُونَ اللهَ والَّذينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ ( يعني المنافقين يخادعون رسول الله ( ﷺ ) والمؤمنين، بأن يُظهروا من الإيمان خلاف ما يبطنون من الكفر، لأن أصل الخديعة الإخفاء، ومنه مخدع البيت، الذي يخفى فيه، وجعل الله خداعهم لرسوله خداعاً له، لأنه دعاهم برسالته.
) وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ ( في رجوع وباله عليهم.
) وَمَا يَشْعُرُون ( يعني وما يفطنون، ومنه سُمِّي الشاعر، لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره، ومنه قولهم ليت شعري.
( البقرة :( ١٠ ) في قلوبهم مرض.....
" في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " ( قوله تعالى :) في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ( فيه ثلاثة تأويلات :