صفحة رقم ١١٦
يعلمه إلا الله أو من أطلعه الله تعالى على علمه من أنبيائه، وأما الماضي فقد يعلمه المخلوقون من أحد الوجهين : إما من معاينة أو خبر، فإن كان الإِخبار عن مستقبل، فهو من آيات الله المعجزة، وإن كان عن ماض فإن علم به غير المخبر والمخبر لم يكن معجزاً، وإن لم يعلم به أحد وعلم به المخبِر وحده كان معجزاً، فنفى رسول الله ( ﷺ ) عن نفسه علم الغيب، لأنه لا يعلمه غير الله تعالى، وإن ما أخبر به من غيب فهو عن الله ووحيه.
) َوَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ( فيه وجهان :
أحدهما : أنه يريد أنه لا يقدر على ما يعجز عنه العباد، وإن قدرت عليه الملائكة.
والثاني : أنه يريد بذلك أنه من جملة البشر وليس بمَلَك، لينفي عن نفسه غُلُوَّ النصارى في المسيح وقولهم : إنه ابن الله.
ثم في نفيه أن يكون ملكاً وجهان :
أحدهما : أنه بَيَّنَ بذلك فضل الملائكة على الأنبياء، لأنه دفع عن نفسه منزلة ليست له.
والثاني : أنه أراد إني لست ملكاً في السماء، فأعلم غيب السماء الذي تشاهده الملائكة ويغيب عن البشر، وإن كان الأنبياء أفضل من الملائكة مع غيبهم عما تشاهده الملائكة.
) إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ( يحتمل وجهين :
أحدهما : أن أخبركم إلا بما أخبرني الله به.