صفحة رقم ١٦٦
والثاني : يهديه إلى الدلائل المؤدية إلى الحق.
) يَشْرَحْ صدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ( يعني بشرح الصدر سعته لدخول الأسلام إيه وثبوته فيه كقوله تعالى :) أَلَمْ نَشَرْحْ لَكَ صَدْرَك ( " [ الشرح : ١ ].
روى عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال : سئل رسول الله ( ﷺ ) أي المؤمنين أكْيَس ؟ قال :( أَكْثَرُهُم ذِكْراً لِلْمَوتِ وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً ) قال : وسئل النبي ( ﷺ ) عن هذه الآية : قالوا : كيف يشرح صدره يا رسول الله ؟ قال :( نُوْرٌ يُقْذَفُ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنفَسِحُ ) قالوا : فهل لذلك أمارة يُعْرَفُ بها ؟ قال :( الإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرورِ وَالاسْتِعْدَادِ لِلْمَوتِ قَبْلَ لِقَاءِ المَوتِ ) وروى ابن مسعود مثل ذلك.
ثم قال :) وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ ( فيه قولان :
أحدهما : يضله عن الهداية إلى الحق.
والثاني : عن نيل الثواب واستحقاق الكرامة.
) يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ( يعني ضيقاً لا يتسع لدخول الإسلام.
) حَرَجاً ( فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون شديد الصلابة حتى لا يثبت فيه شيء.
والثاني : شديد الضيق حتى لا يدخله شيء.
والثالث : أن موضعه مُبْيَض.
) كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ ( فيه أربعة أوجه :
أحدها : كأنه كُلِّف الصعود إلى السماء في امتناعه عليه وبعده منه.
والثاني : كأنه لا يجد مسلكاً لضيق المسالك عليه إلا صعوداً في السماء يعجز عنه.
والثالث : كأنه قلبه بالنبو عنه والنفور منه صاعداً إلى السماء.
والرابع : كأن قلبه يصعد إلى السماء بمشقته عليه وصعوبته عنده.
ثم قال تعالى :) كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ( في الرجس خمسة تأويلات :
أحدها : أنه ما لا خير فيه، قاله مجاهد.
والثاني : أنه العذاب، قاله ابن زيد.
والثالث : السخط، قاله ابن بحر.
والرابع : انه الشيطان، قاله ابن عباس.
والخامس : أن الرجس والنجس واحد، وهو قول بعض نحويي الكوفة، وحكاه عَلِيُّ بن عيسى.
وقد روى قتادة عن أنس عن النبي ( ﷺ ) أنه كان إذا دخل الخلاء قال :


الصفحة التالية
Icon