صفحة رقم ٢٢٦
وهذا وإن كان شعراً جاهلياً وحال الأعراف منقول عن خبر يروى فيحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون أمية قد وصل إلى علمه من الصحف الشرعية.
والثاني : أن يكون الله قد انطق به أمية إلهاماً لتصديق ما جاء به القرآن.
والثاني : أنهم ملائكة يُرَون في صور الرجال، قاله أبو مجلز.
والثالث : أنهم قوم بطأت بهم صغائرهم إلى آخر الناس، قاله حذيفة.
والرابع : أنه قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فجعلوا هنالك حتى يقضى الله من أمرهم ما يشاء ثم يدخلهم الجنة، قاله ابن مسعود.
والخامس : أنهم قوم قتلوا في سبيل الله وكانوا عصاة لآبائهم، قيل إنهم غزوا بغير إذنهم، وقد روى محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال :
سُئل رسول الله ( ﷺ ) عن أصحاب الأعراف فقال :( هُمْ قَومٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَعْصِيةِ آبَائِهِمْ، فَمَنَعَهُمْ قَتْلُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَنِ النَّارِ ومنعهم مَعْصِيَةُ آبَائِهِم أَنْ يَدْخُلُواْ الجَنَّةَ ) ومعنى قوله :) يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ ( يعني يعرفون أهل النار وأهل الجنة بعلامتهم التي يتميزون بها، وعلامتهم في وجوههم وأعينهم، قال الحسن البصري : علامة أهل النار سواد الوجوه وزرقة العيون، وعلامة أهل الجنة بياض الوجوه وحسن العيون.
فإن قيل في أصحاب الأعراف : إنهم فضلاء المؤمنين كان ذلك زيادة في ثوابهم ومبالغة في كرامتهم لأنهم يرون منازلهم في الجنة فيستمتعون بها، ويرون عذاب النار فيفرحون بالخلاص منها.