صفحة رقم ٣٠٣
قرىء بضم الضاد وفتحها، وفي اختلاف القراءتين وجهان :
أحدهما : أنهما لغتان ومعناهما واحد، قاله الفراء.
والثاني : معناهما مختلف.
وفي اختلافهما وجهان :
أحدهما : أنها بالفتح : الضعف في الأموال، وبالضم : الضعف في الأحوال.
الثاني : أنها بالفتح : الضعف في النيات، وبالضم : الضعف في الأبدان. وقيل بعكس الوجهين في الوجهين.
ثم قال :) فَإِن يَكُن مِّنكم مَّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مَائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ ألْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَينِ بِإِذنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( فيه تأويلان :
أحدهما : مع الصابرين على القتال في معونتهم على أعدائهم.
الثاني : مع الصابرين على الطاعة في قبول عملهم وإجزال ثوابهم، فصار حتماً على من لاقى عدوه من المشركين زحفاً أن لا ينهزم مع القوة على المصابرة حتى يقضي الله من أمره ما شاء فأما الهزيمة مع العجز عن المصابرة فإن قاتله أكثر من مثليه جاز أن يُولي عنهم منهزماً، وإن قاتله مثلاه فمن دون حرم عليه أن يوليّ عنهم منهزماً على صفتين : إما أن يتحرف لقتال وهو أن يهرب ليطلب، ويفر ليكر فإن الحرب كرٌ وفرٌ، وهرب وطلب، وإما أن يتحيز إلى فئة أخرى ليقاتل معها، قربت الفئة أو بعدت، وذلك ظاهر في قوله تعالى :
) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَومَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ( أي صار بالمكان الذي يحق عليه غضب الله، مأخوذ من المبوأ وهو المكان.
ومذهب الشافعي وأصحابه وموافقيه أن هذا على العموم، محكوم به في كل مسلم لاقى عدواً، وبه قال عبد الله بن عباس.