صفحة رقم ٤٦٠
شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين فسبح باسم ربك العظيم " ( ) أَفَرَءَيْتُمْ مَّا تَحْرُثُونَ ( الآية.
فأضاف الحرث إليهم والزرع إليه تعالى لأن الحرث فعلهم ويجري على اختيارهم، والزرع من فعل الله وينبت على إختياره لا على إختيارهم، وكذلك ما روي عن النبي ( ﷺ ) :( لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُم زَرَعْتُ وَلَكِن لِيَقُلْ حَرَثْتُ ).
وتتضمن هذه الآية أمرين :
أحدهما : الإمتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم.
الثاني : البرهان الموجب للإعتبار بأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذوره وإنتقاله إلى إستواء حاله، [ من العفن إلى الترتيب ] حتى صار زرعاً أخضر، ثم جعله قوياً مشتداً أضعاف ما كان علي، فهو بإعادة من مات أحق وعليه أقدر، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السليمة.
ثم قول تعالى ) لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً ( يعني الزرع، والحطام الهشيم الهالك الذي لا ينتفع به، فنبه بذلك على أمرين :
أحدهما : ما أولاهم من النعم في زرعهم إذ لم يجعله حطاماً ليشكروه.
الثاني : ليعتبروا بذلك في أنفسهم، كما أنه يجعل الرزع حطاماً إذا شاء كذلك يهلكهم إذا شاء ليتعظوا فينزجروا.
) فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ( بعد مصير الزرع حطاماً، وفيه أربعة أوجه :
أحدها : تندمون، وهو قول الحسن وقتادة، ويقال إنها لغة عكل وتميم.
الثاني : تحزنون، قاله ابن كيسان.
الثالث : تلاومون، قاله عكرمة.