صفحة رقم ٣٧٠
الطفيل إلى رسول الله ( ﷺ ) فقالوا : قل له شققت عصانا وسببت آلهتنا وخالفت دين آبائك، فإن كنت فقيراً أغنيناك وإن كنت مجنوناً داويناك، وإن هويت امرأة زوجناكها، فقال رسول الله ( ﷺ ) :( لست بفقير ولا مجنون ولا هويت امرأة، أنا رسول الله إليكم، أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته، ) فأرسلوه ثانية وقالوا له : قل له بيّن لنا جنس معبودك، فأنزل الله هذه السورة، فأرسلوه ثالثة وقالوا : قل له لنا ثلاثمائة وستون صنماً لا تقوم بحوائجنا، فكيف يقوم إله واحِد بحوائج الخلق كلهم ؟ فأنزل الله سورة الصافات إلى قوله ) إن إلهاكم لواحد ( يعني في جميع حوائجكم، فأرسلوه رابعة وقالوا : قل له بيّن لنا أفعال ربك، فأنزل الله تعالى :) إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض ( الآية، وقوله ) الذي خلقكم ثم رزقكم (.
) قل هو الله أحد ( خرج مخرج جواب السائل عن الله تعالى، فقال لرسوله ( ﷺ ) ) قل هو اللهُ أحَدٌ ( والأحد : هو المتفرد بصفاته الذي لا مِثل له ولا شبه.
فإن قيل : فلم قال ( أحَدٌ ) على وجه النكرة، ولم يقل الأحَدُ ؟ قيل عنه جوابان :
أحدهما : أنه حذف لام التعريف على نية إضمارها فصارت محذوفة في الظاهر، مثبتة في الباطن، ومعناه قل هو الله الأحد.
الثاني : أنه ليس بنكرة، وإنما هو بيان وترجمة، قاله المبرد.
فأما الأحد والواحد ففيهما وجهان :
أحدهما : أن الأحد لا يدخل العدد، والواحد يدخل في العدد، لأنك تجعل للواحد ثانياً، ولا تجعل للأحد ثانياً.
الثاني : أن الأحد يستوعب جنسه، والواحد لا يستوعب، لأنك لو قلت فلان لا


الصفحة التالية
Icon