قال الحرالي : وهذه الآيات أى هذه وما بهدها مما جاء كلام الله فيه جارياًعلى لسان خلقه فإن القرآن كله كلام الله لكن ما هو كلام الله عن نفسه ومنه ما هو كلام الله عما كان يجب أن ينطبق على اختلاف ألسنتهم وأحوالهم وترقي درجاتهم ورتب تفاضلهم مما لايمكن البلوغ إلى كنهه لقصورهم وعجزهم فتولى الله الوكيل على كل شىء الإنباء عنهم بما كان يجب عليهم مما لا يبلغ إليه وُخلقه وجعل تلاوتهم لما أنبأ به على ألسنتهم نازلاًلهم منزلة أن لو كان ذلك إلى أنفسهم لم يأتوا بشىء تصلح به أحوالهم في دينهم ودنياهم، ولذلك لا يستطيعوا شكر هذه النمعة إلا أن يتولى هو تعالى بما يلقنهم من كلامه مما يكون أداء لحق فضله عليهم بذلك، وإذا كانوا لا يستطعون الإنباء عن أنفسهم بما يجب عليهم من حق ربهم فكيف بما يكون نبأ عن تحميد الله وتمجيده، فإذاً ليس لهم وصلة إلا تلاوة كلامه العلي بفهم كان أوبغير فهم، وتلك هي صلاتهم المقسمة التى عبر عنها فيما صح عنه علية الصلاة والسلام من قوله تعالى :"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" ثم تلا هذه السورة ؛ فجاءت الآيات الثلاث الأول بحمد الله تعالى نفسه، فإذا تلاها العبد قبل الله منه تلاوة عبده كلامه وجعاها منه حمداً وثناء وتمجيداًَ، وجاءت هذه الآيات على لست خلقه فكان ظاهرهاغ التزام عُهَد العبادة وهو ما يرجع إلى العبد وعمادها طلب المعونة من الله سبحانه وهوما يرجع الحق، فكانت بينه وبين عبده وتقدمت بينيّته تعالى، لأن المعونة متقدمة على العبادة وواقعة بها وهو مجاب فيما طلب من المعونة، فمن كانت عليه مؤنة شىء فاستعان الله فيهالا على مقتضى هذه الآية جاءته المعونة على قدر مؤنته، فلا يقع لمن اعتمد مقتضى هذه الاية عجز عن مرام أبداًوإنما يقع العجز ببخس الحظ من الله تعالى والجهل بمقتضى ما أحكمته هذه الآية والغفلة عن النعمة بها، وفي قوله :﴿نعبد﴾ بنون الاستتباع إشعار بأن الصلاة بنيت على الاجتماع.
انتهى.
وفي


الصفحة التالية
Icon