قال الأصبهاني : فإن القرآن معجز والركن الأبين الإعجاز يتعلق بالنظم والترتيب.
انتهى.
والحاصل أنه لما رفعت نلك الصفات العلية لمخاطبها الحجب وكشفت له بسمو مجهدها وعلو جدها وشرف حمدها جلائل الستر وأشرقت به رياض الكرم ونشرت له لطائف عواطفها بسط البر والنعم ثم اخترقت به مهامه العظمة والكبرياء وطوت في تيسيرها له مفاوز الجبروت والعز وأومضت له بوارق النقم من ذلك الجناب الشم وصل إلى مقام الفناء عنالفني وتمكن في رتبة شهود البقاء للباقي فبادر الخضوع له عن السوى حاكماًعلى الأغيار بما لها منة ذواتها من العدم والتوى فقال :﴿إياك نعبد﴾ وفي تلك الحال تحقق العجز عن توفية ذلك المقام ما له من الحق فقال :﴿وإياك نستعين﴾ فكشف له الشهود في حضرات العبود عن طرق عديدة ومنازل سامية بعيدة ورأى أحولاً جمة وأودية مدلهمة وبحاراًمغرقة وأنوالراًهادية وأخرى محرقة، ورأى لكل أهلاًقد أسلكوا فجاء تارة وأخرى سهلاًوعلم أن إلا بهدايته ولا ععمة بغير عنايته ولا سعادة إلا برحمته ولا سلامة لغيرأهل نعمته ؛ فلما أشرف وستنار وعرف مواقع الأسرار بالأقدار كأنه قيل له : ماذا تطلب وفي أي مذهب تذهب ؟فقال :﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾
١٩