ولما كان كأنه قيل في أي شيء استوت حالتهم قبل في أنهم ﴿لا يؤمنون﴾ وهي دليل على خصوص كونه هدى للمتقين وعلى وقوع التكليف بالممتنع لغيره فإنه سبحانه كلفهم الإيمان وأراد منهم الكفران، فصار ممتنعاًلغرادته عدم وقوعه، والتكليف به جار على سنن الحكمة فإن إرادة عدم إيمانهم لم تخرج إيمانهم عن حيز الممكن فيما يظهر، لعدم العلم بما أراد الله من كل شخص بعينه، فهو على سنن الابتلاء ليظهر في عالم الشهادة المطيع من غيره لإقامة الحجة ؛ ويأتي عند ﴿افعل ما تؤمر﴾ [الصافات : ١٠٢] تتمة لهذا قال الحرالي : فحصل بمجموع قوله :﴿سواء عليهم﴾ إلى آخر وبقوله :﴿لا يؤمنون﴾ خبر تام عن سابقة أمرهم ولا حقة كونهم، فتم بالكلامين الخبر عنهم خبراً واحداً ملتئماً كتبا ًسابقاًلا حقاً.
انتهى.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣
وكل موضع ذكر فيه الكفر فإنما عبر به
٣٧
إشارة إلى أن الدلة الصلية في الوضوح بحيث لاتخفى على أحد ولا يخالفها إلامن ستر مرآة عقله إما هناداًوإما بغهمال النظر لاسديد والركون ألى نوع تقليد.
ولما كان من أعجب العجب كون شيء واحد يكون هدى لناس دون ناس علل ذلك بقوله :﴿ختم الله﴾ أى ﴿على قلوبهم﴾ أي ختماًمستعلياًعليها فهي لاتعي حق الوعي، لأن الختم على الشيء يمنع الدخول إليه والخروج منه، وأكد المعنى بإعادة الجار فقال :﴿وعلى سمعهم﴾ فهم لا يسمعنون حق السمع، وأفراده لأن التفاوت فيه نادر، قال الرالي : وشَركة في الختم مع القلب لأن أحداًلايسمع إلا ما عقل.
انتهى.
﴿وعلى أبصارهم غشاوة﴾ فهم لا ينظرون باليامل.


الصفحة التالية
Icon