ولما سوى هنا بين الإنذار وعدمه كانت البداءة بالقلوب أنسب تسوية لهم بالبهائم، ولما كان الغبي قد يسمع أو يبصر فيهتدي وكان إلى السمع أضر لعمومه وخصوص البصر باحوال الضياء نفي السمع ثم البصر تسفيلاًلهم عن حال الهائم، بخلاف ما في الجاثية فإنه لما أخبر فيها بالإضلا وكان الضال أحوج شيء إلى سماع الهادي نفاه، ولما كان الأصم 'ذا كان افهم أو بصر أمكنت هدايته واكن الفهم أشرف نفاهما على ذلك الترتيب.
ولما وصفهم بذلك أخبر بمآلهم فقال :﴿ولهم عذاب عظيم﴾ قال الحرالي : وفي وقوله :﴿ولهم﴾ إعلام بقوة تداعي حالهم لذلك العذاب واستحقاقهم له وتنشؤ ذواتهم إليه حتى يشهد عيان المعرفة به أي العذاب وبهم أنه لهم وكان عذابهم عظيماًآخذاً في عموع ذواتهم لكونهم لم تلتبس أبدانهم ولا نفوسهم ولا أرواحهم بما يصد عنهم شيئناًمن عذابها كما يكون للمعاقبين من مذنبي مؤمني المم حيث يتنكب العذاب
٣٨
عن وجوههم ومواضع وضوئهم ونحو ذلك.
انتهى.
وسيأتى عند قوله تعالى ﴿ومن الناس من يتخذ من دون لله أنداداً﴾ [البقرة : ١٦٥] ما يلتفت إلى هنا.
قال الحرالي :" الكفر " تغطية ما حقه الإظهار، و" الإنذار " الإعلام بما يحذر، و" الختم " إخفاء خبر الشيء بجمع أطرافه عليه على وجه يتحفظ به و" القلب " مبدأكيان الشيء من غيب قوامه، فيكون تغير كونه بحسب تقلب قلبه في الانتهاء ويكون تطوره وتكامله بحسب تقلبه يتصرف سائره وبوضعه للتقلب والتقليب سمي قلباً، وللطيف معناه في ذلك كان أكثر قسمة ﷺ بقلب القلوب، " والغشاوة " غطاء مجلل لا يبدو معه من المغطى شيء و" العذاب " إيلام لا إجهاز فيه، و" العظم " ىلآخذ في الجهات كلها انتهى.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣


الصفحة التالية
Icon