﴿يكذبون﴾ أي يوقعون الكذب وهو الإخبار عن أنفسهم بالإيمان مع تلبسهم بلكفران، والمعنى على قراءة التشديد يبالغون في الكذب، أو ينسون الصادق إلى الكذب، وذلك أشنع الكذب ولما أخبر تعلى عن بواطنهم أتبعه من الظاهر ما يدل عليه فبين أنهم إذا نهوا عن الفساد العام ادَعوا الصلاح العام بقوله :﴿وذّا قيل لهم﴾ وبناؤه للمجهول إشارة إلى عصيانهم لكل قائل كائناًمن كان ﴿ولاتفسدوا في الارض﴾ أي بما نرى لكم من الأعمال الخبيثة والفساد انتقاض صثورة الشيء.
قال الحرالي ﴿قالوا﴾ قاصرين فعلهم
٤٤
على الصلاح نافين عنه كل فساد مباهتين غير مكترثين ﴿إنما نحن مصلحون﴾ والإصلاح تلاقي خلل الشيء.
قال الحرالي.
ولما كان حالهم مبيناًعلى الخداع بإظهار الخير وإبطان الشر وكانوا يرون لإسادهم لما لهم من عكس الإدراك إصلاحاًفكانوا يناظرون عليه بأنواع الشبه كان قولهم ربما عرّ من سمعه من المؤمنين لأن المؤمن غرّكريم والكافر خبَلئيم فقال تعالى محذراًمن حالهم مثبتاًلهم ما نفوه عن أنفسهم من الفساد وقاصراًله عليهم ﴿ألانهم هم﴾ أي خاصة ﴿المفسدون﴾ أيالكاملون الإفساد البالغون من العراقة فيه ما يجعل إفساد غيرهم بالنسبة إلى إفساد عدماًلما في ذلك من خراب ذات البين وأخذ المؤمن منة المأمن وقال الحرالي : ولما كان حال الطمأنينة بالإيمان إصلاحاً وجب أن يكون اضرارهم فيه إفساداًلا سيما مع ظنهم أن كونهم مع هؤلاء تارة ومع هؤلاء تارة من الحكمة والإصلاح وهو عين الإفساد لا سيما مع ظنهم أن كونهم مع هؤلاء تارة من الحكمة والإصلاح ولذلك قيل : ما يصلح المنافق، لأنه لا حبيب مصاف ولا عدو مبائن، فلا يعتقد منه على شيء.
انتهى.