وبما كان هذا الوصف موجباًلعظيم الرهبة اتبعه ما يخففه بقوله :﴿ولكن لا يشعرون﴾ أي هم في غاية الجلافة حتى لا شعور لهم يحسون به الصرف فيما يحاولونه من الفساد الآن بما دلت عليه ما فب الآية السابقة الدالة على أن المضارع للحال ولا فيما يستقبل من الزمان لأن لالا تقارنه إلا وهو بمعنى الاستقبال، فلأجل ذلك لا يؤثر إفساد إلا في أذى أنفسهم، فلا تخافوهم فإني كافيكموهم.
ولما بين حالهم إذا أمروا بالصلاح العام بين أنهم إذا دعوا إلى الصلاح الخاص الذي هو أس كل صلاح سموه سفهاًفقال :﴿وإذا قيل﴾ أي من أي قائل كان ﴿لهم آمنوا﴾ أي ظاهراًوباطناً ﴿كما آمن الناس﴾ أي الذين هم الناس ليظهر عليكم ثمرة ذلك من الزوم الصلاح واجتناب الفساد والإيمان المضاف إلى الناس أدنى مراتب الإيمان قاله الحرالي، وهومفهم لما صرح به قوله : وما هم بمؤمنين ﴿قالوا أنؤمن﴾ أي ذلك الإيمان ﴿كما آمن السفهاء﴾ أي الذين استدرجتهم إلى استدراجهم ما دخلوا فيه بعد ترك ما كان عليه
٤٥
آباؤهم خفة نشأت عن ضعف العقل، ثم رد سبحانه قولهم بحصر السفه فيهم فقال :﴿ألانهم هم السفهاء﴾ لا غير لجمودهم على رأيهم مع أن بطلانه أظهر من الشمس ليس فيه لبس ﴿ولكن لا يعلمون﴾ أي ليس لهم علم أصلاًلا بذلك ولا بغيره، ولا يتصور لهم علم لأن جهلهم مركب وهو أسوأالجهل والعلم، قال الحرالي : ما أخذ بعلامة وأمارة نصبت آية عليه.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٣