﴿ولو شاء الله﴾ الذي له العظمة الباهة مع شدة حرصهم وتناهي جزعهم، ودل على مفعول شاء بقوله :﴿لذهب بسمعهم﴾ أى بقاصف الرعد ولم يغنهم سدّآذانهم ﴿وأبصارهم﴾ بخاطف البرق ولم يمنعه غضّهم لها، ثم علل ذلك بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿على كل شىء﴾ أي مشيء أي يصح أن تقع عليه المشيئة هذا المراد وإن كان الشيء كما قال سيبوية يقع على كل ما أخبر عنه، وهوأعلم العام كما أناالله أخص الخاص، يجري على الجسم والعرض والقديم والمعدوم والمحال، وقولالأشاعرة : إن المعدوم ليس بشيء، بمعنى أنه ليس بثابت في الأعيان متميزفيها ﴿قدير﴾ إعلاماًبأن قدرته لاتتقيد بالأسباب، قال الحرالي : القدرة إظهار الشيء من غير سبب ظاهر ـ انتهى.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٧
ولعله سبحانه قدم المثل الأول لأنه مالجزء من الثاني، أولأنه مثل النافقين، جعلت مدة صباهم بنموهم وازدياد عقولهم استيقاد مع جعل الله إياهم على الفطرة القويمة وزمان بلوغهم بتمام العقل الغزيزي إضاءة ؛ والثاني مثل النافقين وهوأبلغ.
لأن الضلال فيه أشنع وأفظع.
فالصيب القرآن الذي انقادوا له ظاهراً، والضلمات متشابهه، والصواعق وعيده، والبرق وعده، كلما أنذروا بوعيد انقطعت قلوبهم خوفاً ﴿يحبسون كل صيحة عليهم﴾ [المنافقون : ٤] وكلما بشروا انقادوا رجاء، وإذا عرض المتشابه وقفوا تحيراًوجفاء وكل ذلك وقوفاًمع الدنيا وانقطاعاًإليها، لانفوذلهم إلى ما وراءها أصلاً، بل هم الأنعام، لانظر لهم ألى ما سوى الجزيئات والأمور المشاهدات، ﴿فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم﴾ [النساء : ١٤١] ﴿يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاًعظيماً﴾ [النساء : ٧٣] والكلام الجامع النافع في ذلك أن يقال إنه سبحانه شبّهفي الأول مثلهم بمثل المستوقد لابالستوقد، وفي الثاني شبه مثلهم في خوفهم اللازم
٥٠