فلما كانت الجنان معروفة بالثمار ساق وصفها بذلك مساق ما لا شك فيه بخلاف جري الأنهار فقال :﴿كلما﴾ وهي كلمة تفهم تكرر الأمر في عموم الأوقات ﴿رزقوا منها من ثمرة﴾ أيّ ثمرة كانت رزقاً ﴿قالوا﴾ لكونه على صورة ما في الدنيا ﴿هذا﴾ أي الجنس لاستحكام الشبه ﴿الذي رزقنا من قبل﴾ أي في الدنيا، ولما كان الرزق معلوماً ولم يتعلق غرض بمعرفة الآتي بالرزق بُنيا للمجهول فقال تعالى عاطفاً على ما تقديره لأنا خلقناه على شكل ما كان ليكونوا به أغبط ولمزيته أعرف وله أقبل وإليه أميل موحداً للضمير إشارة إلى أنه لاستحكام الشبه كأنه واحد ﴿وأتوا به﴾ أي جيء لهم بهذا الجنس المرزوق لهم في الدارين في الجنة من غير تطلب وتشوق ﴿متشابهاً﴾ في مطلق اللون والجنس ليظن أنه متشابه في الطعم، فيصير فضله في ذلك لاذوق نعمة أخرى والتشابه المراد هنا اشتراك في ظاهر الصورة، والإتيان بأداة التكرار يدل على أن الشبه يزداد عظمة في كل مرة فيزداد العجب وجعل الحرالي هذا خاصاً بثمار الجنة فقال : من قبل إعلام بأن أشخاص ثمر الجنة وآحادها لا تتمايز لأنها على أعلى صورتها لا تتفاوت بأعلى وأدنى ولا يتراخى زمان عودها، فهي تتخلف لآنِ قطفها ولا تتمايز صور المقطوف من الخالف حتى يظن القاطف أن المتخلف عين الأول ؛ فحال ثمر الجنة كحال الماء الذي هو أصله، وبسرعة الخلف من ثمر الجنة وأنه متصل جرية الوجود قال عليه السلام في عنقود من ثمرها :"لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا" ويشعر ذلك
٧٢


الصفحة التالية
Icon