ولما كان ذلك كله في مناضلة من كذب الرسل، وأعرض عما أرسلهم به ربهم من الآيات التي ما منها إلا ما آمن على مثله البشر، وطلبه منهم ما لا يقدر عليه إلا مرسلهم من الإتيان بغير ما أتوا به من الآيات ؛ بين لهم حقيقة الرسالة إشارة إلى ظلمهم في طلبهم من الرسل ما لا يطلب إلا من الإله، فقال عاطفاً على ﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك﴾ [الأنعام : ٤٢] ﴿وما نرسل﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿المرسلين﴾ أي نوجد هذا الأمر في هذا الزمان وكل زمان من الماضي وغيره ﴿إلا مبشرين﴾ لمن أطاع ﴿ومنذرين﴾ لمن عصى، عريقين في كل من الوصفين، لا مجيبين إلى ما يقترح الأمم، ولا معذبين لمن يعاندهم ؛ ثم سبب عن ذلك غاية الرسالة من النفع والضر فقال : فمن آمن وأصلح} أي تصديقاً لإيمانه ﴿فلا خوف عليهم﴾ أي في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الآخرة فواضح، وأما في الدنيا الفانية فلأن خوفهم فيها يزيد أمنهم في الآخرة الباقية، فهو إلى فناء ثم إلى سرور دائم، فهو عدم ﴿ولا هم يحزنون*﴾ أي حزناً يضر بحياتهم الأبدية.
ولما بين حال المصلحين، أتبعه حال المفسدين فقال :﴿والذين كذبوا بآياتنا﴾ أي حزناً يضر بحياتهم الأبدية.
ولما بين حال المصلحين، أتبعه حال المفسدين فقال :﴿والذين كذبوا بآياتنا﴾ أي على ما لها بنسبتها إلينا من العظمة ﴿يمسهم العذاب﴾ أي الدائم المتجدد، وكني عن
٦٣٩
قربه بأن جعل له قوة المس، كأنه حي مريد فقال :﴿بما كانوا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿يفسقون *﴾ أي يديمون الخروج مما ينبغي الاستقرار فيه من الإيمان وما يقتضيه، وأما الفسق العارض فإن صاحبه يصدر التوبة منه فيعفى عنه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٣٨


الصفحة التالية
Icon