ولما كان هذا بياناً عظيماً، أشار إلى عظمه بقوله :﴿انظر﴾ وعظمه تعظيماً آخر بالاستفهام فقال ﴿كيف نصرف الآيات﴾ أي أي نكررها موجهة في جميع الوجوه البديعة النافعة البليغة ﴿لعلهم يفقهون *﴾ أي ليكون حالهم حال من يرجى فهمه وانتفاعه به، كان هذا ﴿و﴾ الحال أنه ﴿كذب به﴾ أي هذا العذاب أو القرآن المشتمل على الوعد والوعيد والأسباب المبينة للخلق جميع ما ينفعهم ليلزموه وما يضرهم ليحذروه ﴿قومك﴾ أي الذين من حقهم أن يقوموا بجميع أمرك ويسروا بسيادتك، فإن القبيلة إذا ساد أحدها عزت به، فإن عزه عزها وشرفه شرفها، ولا سيما إذا كان من بيت الشرف ومعدن السيادة، وإذا سفل أحدها اهتمت به غاية الاهتمام وسترت عيوبه مهما أمكنها فإن عاره لاحق بها، فهو من عظيم التوبيخ لهم ودقيق التقريع، وزاد ذلك بقوله :
٦٥١
﴿وهو﴾ أي والحال أنه ﴿الحق﴾ أي الثابت الذي لا يضره التكذيب به ولا يمكن زواله بمعرض أن يخاف عاقبة ذلك ويقول : فماذا أصنع بهم ؟ فقال تعالى معلماً أنه ليس عليه بأس من تكذيبهم :﴿قل لست﴾ وقدم الجار والمجرور للاهتمام به معبراً بالأداة الدالة على القهر والغلبة فقال :﴿عليكم بوكيل *﴾ أي حفيظ ورثيب لأقهركم على الرد عما أنتم فيه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٤٩
ولما كانوا بصدد أن يقولوا تهكماً : كن كذلك، فلا علينا منك! قال مهدداً :﴿لكل﴾ وأشار إلى جلالة خبره بقوله :﴿نبإ﴾ أي خبر أخبرتكم به من هذه الأخبار العظيمة، ومعنى ﴿مستقر﴾ موضع ووقت قرار من صدق أو كذب، أي لا بد أن يحط الخبر على واحد منهما، لا ينفك خر من الأخبار عن ذلك ﴿وسوف تعلمون*﴾ أي محط خبره العظيم بوعد صادق لا خلف فيه وإن تأخر وقوعه.


الصفحة التالية
Icon