يجادلون النبي في أمر عيسى عليه الصلاة والسلام، فتارة يقولون : هو الله، وتارة يقولون : هو ابن الله، وتارة يقولون، هو ثالث ثلاثة، وكان بعضهم عالماً بالحق في أمر عيسى عليه الصلاة والسلام وبأن أحمد الذي بشر به هو هذا النبي العربي فقال له بعض أقاربه : فلم لا تتبعه وأنتتعلم أن عيسى أمر باتباعه ؟ فقال له : لو اتبهناه لسلبنا ملك الروم جميع ما ترى من النعمة، وكان ملوك الروم قد أحبوهم لاجتهادهم في دينهم وعظموهم وسودوهم وخولوهم في النعم حتى عظمت رئاستهم وكثرت أموالهم ـ على ما بين في السيرة الهشامية وغيرها، واستمر سبحانه وتعالى يؤكد استجابته لدعاء أوليائه بالنصرة آخر البقرة في النحو قوله :﴿إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم﴾ [ آل عمران : ١٠] ﴿قل للذين كفروا ستغلبون﴾ [آل عمران : ١٢] إلى أن ختم السورة بشرط الاستجابة فقال :﴿اصبروا وصابروا﴾ [آل عمران : ٢٠٠]، ثم قال توضيحاً لما قدم في آية الكرسي من إثبات العلم، واستدلالاً على وصفه سبحانه وتعالى بالقيومية التي فارق بها كل من يدعي فيه الإلهية مشيراً بذلك إلى الرد على من جادل في عيسى عليه الصلاة والسلام فأطراه أنه إله، وموضحاً لأن كتبه هدى وأنه عالم بالمطيع والعاصي بما تقدم أنه أرشد العطف في ﴿والله العزيز﴾ لى تقديره، ومعللاً لوصفه بالعزة والقدرة لما يأتي في سورة طه من أن تمام العلم يستلزم شمول القدرة :﴿إن الله﴾ بما له من صفات الكمال التي منها القيومية ﴿لا يخفي عليه شيء﴾ وإن دق، ولما كان تقريب المعلومات بالمحسوسات أقيد في التعليم والبعد عن الخفاء قال ـ وإن كان علمه سبحانه وتعالى لا يتقيد بشيء :﴿في الأرض ولا في السماء﴾ أي ولا هم يقدرون على أن يدعوا في عيسى عليه الصلاة والسلام مثل هذا العلم، بل في إنجيلهم الذي بين أظهرهم الآن في حدود السبعين والثمانمائة التصريح بأنه يخفي عليه بعض الأمور، قال في ترجمة إنجيل مقس في قصة التي كانت بها نزف الدم : إنها أتت من


الصفحة التالية
Icon