سورة النساء
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٣
ولما كان مقصودها الاجتماع على ما دعت إليه السورتان قبلها من التوحيد، وكان السبب الأعظم في الاجتماع والتواصل عادةً الأرحام العاطفة التي مدارها النساء سميت " النساء " لذلك، ولأن بالاتقاء فيهم تتحقق العفة والعدل الذي لبابه التوحيد ﴿بسم الله﴾
٢٠٤
الجامع لشتات الأمور بإحسان التزاوج في لطائف المقدور ﴿الرحمن﴾ الذي جعل الأرحام رحمة عامة ﴿الرحيم *﴾ الذي خص من أراد بالتواصل على ما دعا إليه دنيه الذي جعله نعمة تامة.
لما تقرر أمر الكتاب الجامع الذي هو الطريق، وثبت الأساس الحامل الذي هو التوحيد احتيج إلى الاجتماع على ذلك، فجاءت هذه السورة داعية إلى الاجتماع والتواصل والتعاطف والتراحيم فابتدأت بالنداء العام لكل الناس، وذلك أنه لما كانت أمهات الفضائل - كما تبين في علم الأخلاق - أربعاً : العلم والشجاعة والعدل والعفة، كما يأتي شرح ذلك في سورة لقمان عليه السلام، وكانت آل عمران داعية مع ما ذكر من مقاصدها إلى اثنين منها، وهما العلم والشجاعة - كما أشير إلى ذلك في غير آية ﴿نزل عليك الكتاب بالحق﴾ [آل عمران : ٣]، ﴿وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾ [آل عمران : ٧]، ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم﴾ [آل عمران : ١٦٩]، ﴿الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح﴾ [آل عمران : ١٧٢]، ﴿ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا﴾ [آل عمران : ٢٠٠]، وكانت قصة أحد قد أسفرت عن أيتام استشهد موروثهم في حب الله، وكان من أمرهم في الجاهلية منع أمثالهم من الإرث استشهد مورثوهم ي حب الله، وكان من أمرهم في الجاهلية منع أمثالهم من الفضيلتين الباقيتين، وهما العفة والعدل مع تأكيد الخصلتين الأخريين حسبما تدعو إليه المناسبة، وذلك مثمر للتواصل بالإحسان والتعاطف بإصلاح الشأن للاجتماع على طاعة الديان، فمقصودها الأعظم الاجتماع على الدين بالاقتداء بالكتاب المبين، وما أحسن ابتداءها بعموم :﴿ياأيها الناس﴾ بعد اختتام تلك بخصوص " ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا الآية.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٤