فقال مؤكداً لأن أفعال الناس في ترك التقوى وقطيعة الأرحام أفعال من يشك ي أنه بعين الله سبحانه :﴿إن الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة ﴿كان عليكم﴾ وفي أداة الاستعلاء ضرب من التهديد ﴿رقيباً *﴾ وخفض حمزة " الأرحام " المقسم بها تعظيماً لها وتأكيداً للتنبيه على أنهم قد نسوا الله في الوفاء بحقوقها - كما أقسم بالنجم والتين وغيرهما، والقراءاتان مؤذنتان بأن صلة الأرحام من الله بمكان عظيم، حيث قرناه باسمه سواء كان عطفاً كما شرحته آية ﴿وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه﴾ [الإسراء : ٢٣]، وغيرها - أو كان قسماً، واتفق المسلمون على أن صلى الرحم واجبة، وأحقهم بالصلة الولد، وأول صلته أن يختار له الموضع الحلال.
ولما بان من هذا تعظيمه لصلة الرحم بجعلها في سياق ذكره سبحانه وتعالى المعبر عنه باسمه الأعظم - كما فعل نحو ذلك في غير آية، وكان قد تقدم في السورة الماضية ذكر قصة أحد التي انكشفت عن أيتام، ثم ذكر في قوله تعالى :﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ [آل عمران : ١٨٥]، أن الموت مشرع لا بد لكل نفس من وروده ؛ علم أنه له بد من وجود الأيتام في كل وقت، فدعا إلى العفة والعدل فيهم لأنهم بعد الأرحام أولى من يتقى الله فيه ويخشى مراقبته بسببه فقال :﴿وآتوا اليتامى﴾ أي الضعفاء الذين انفردوا عن آبائهم، وأصل اليتيم الانفراد ﴿أموالهم﴾ أي هيئوها بحسن التصرف فيها لأن تؤتوهم إيلاها بعد البلوغ - كما يأتي، أو يكون الإيتاء حقيقة والتيم باعتبار ما كان.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٤
أو باعتبار الاسم اللغوي وهو مطلق الانفراد، وما أبدع إيلاءها للآية الآمرة بعد عموم تقوى الله
٢٠٧
بخصوصها ي صلة الرحم المختتمة بصفة الرقيب! لما لا يخفى من أنه لا حامل على العدل في الأيتام إلا المراقبة، لأنه لا ناصر لهم، وقد يكونون ذوي رحم.


الصفحة التالية
Icon