ولما أمر بالعفة في أموالهم أتبعه تقبيح الشره الحامل للغافل على لزوم المأمور به فقال :﴿ولا تتبدلوا﴾ أي تكلفوا أنفسكم أن تأخذوا على وجه البدلية ﴿الخبيث﴾ أي من الخباثة التي لا أخبث منها، لأنها تذهب بالمقصود من الإنسان، فتهدم - جميع أمره ﴿بالطيب﴾ أي الذي هو كل أمر يحمل على معالي الأخلاق الصائنة للعرض، المعلية لقدر الإنسان ؛ ثم بعد هذا النهي العام نوّه بالنهي عن نوع منه خاص، فقال معبراً بالأكل الذي كانت العرب تذم بالإكثار منه ولو أنه حلال طيب، فكيف إذا كان حراماً ومن مال ضعيف مع الغنى عنه :﴿ولا تأكلوا أموالهم﴾ أي تنتفعوا بها أيّ انتفاع كان، مجموعة ﴿إلى أموالكم﴾ شرهاً وحرصاً وحباً في الزيادة من الدنيا التي علتمتم شؤمها وما أثرت من الخذلان يف آل عمران، وعبر بإلى إشارة إلى تضمين الأكل معنى الضم تنبيهاً على أنها متى ضمت إلى مال اولي أكل منها فوقع في النهي، فحض بذلك على تركها محفوظة على حيالها ؛ ثم علل ذلك بقوله :﴿إنه﴾ أي الأول ﴿كان حوباً﴾ أي إثماً وهلاكاً ﴿كبيراً *﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٠٤