ولما كان تعالى قد أجرى سنة الإلهية في أنه لا بد في التناسل من توسط النكاح إلا ما كان من آدم وحواء وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وكانوا قد أمروا بالعدل في أموال اليتامى، وكانوا يلون أمور يتاماهم، وكانوا ربما نكحوا من في حجورهم منهن، فكان ربما أوقفهم هذا التحذير من أموالهم عن النكاح خوفاً من التقصير في حق من حقوقهنم أتبعه تعالى عطفاً على ما تقديره : فإن وثقتم من أنفسكم بالعدل فخالطوهم بالنكاح وغيره :﴿وإن خفتم﴾ فعبر بأداة الشك حثاً على الورع ﴿ألا تقسطوا﴾ أي تعدلوا ﴿في التيامى﴾ ووثقتم من أنفسكم بالعدل في غيرهن ﴿فانكحوا﴾ ولما كانت النساء ناقصات عقلاً وديناً، عبر عنهن بأداة ما لا يعقل إشارة إلى الرفق بهن والتجاوز عنهن فقال :﴿ما﴾ ولما أفاد أنكحوا الإذن المتضمن للحل، وحل الطيب على اللذيذ المنفك عن النهي السابق ليكون الكلام عاماً مخصوصاً بما يأتي من آية المحرمات من النساء - ولا يحمل الطيب على الحل لئلا يؤدي - مع كونه تكراراً - إلى أن يكون الكلام مجملاً - لأن الحل لم يتقدم علمه، والحمل على العام المخصوص أولى،
٢٠٨