ولما كانت الأموال مظنة لميل النفوس، وكان الحب للشيء يعمي ويصم ؛ ختم الآية بقوله :﴿وكفى بالله﴾ أي الذي له الحكمة البالغة والقدرة الباهرة والعظمة التي لا مثل لها، والباء في مثل هذا تأكيد لأن ما قرنت به هو الفاعل حقيقة لا مجازاً - كما إذا أمرنا بالفعل مثلاً ﴿حسيباً *﴾ أي محاسباً بليغاً في الحساب، فهو أبلغ تحذيراً لهم وللأيتام من الخيانة والتعدي ومدّ العين إلى حق الغير.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢١٤
ولما ذكر أموال التيامى على حسب ما دعت إليه الحاجة واقتضاه التناسب إلى أن ختم بهذه الآية، كان كائناً سائلاً سأل : من أين تكون أموالهم ؛ فبين ذلك بطريق الإجمال بقوله تعالى :﴿للرجال﴾ أي الذكور من أولاد الميت وأقربائه، ولعله عبر بذلك دون الذكور لأنهم كانوا لا يورثون الصغار، ويخصون الإرث بما عمر الديار، فنبه سبحانه على أن العلة النطفة ﴿نصيب﴾ أي منهم معلوم ﴿مما ترك الوالدان والأقربون﴾ ولما كانوا لا يورثون النساء قال :﴿وللنساء﴾ ولقصد التصريح للتأكيد قال
٢١٧
موضع " مما تركوا " :﴿مما ترك الوالدان والأقربون﴾ مشيراً إلى أنه لا فرق لينهم وبين الرجال في القرب الذي هو سبب الإرث، ثم زاد الأمر تأكيداً وتصريحاً بقوله إبدالاً مما قبله بتكرير العامل :﴿مما قل منه أو كثر﴾ ثم عرف بأن ذلك على وجه الحتم الذي لا بد منه، فقال مبيناً للاعتناء به بقطعه عن الأول بالنصب على الاختصاص بتقدير أعني :﴿نصيباً مفروضاً *﴾ أي مقدراً واجباً مبيناً، وهذا الآية مجملة بينتها آية المواريث، وبالآية علم أنها خاصة بالعصبات من التعبير بالفرض لأن الإجماع - كما نقله الأصبهاني عن الرازي - على أنه ليس لذوي الأرحام نصيب مقدر.