وتارة يكون الاشتداد ناظراً إلى المنع، وتارة إلى الغلبة والضيق، ثم علل ذلك بقوله :﴿لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن﴾ أي أنتم إن كن أزواجاً لكم، أو مورثوكم إن كن أزواجاً لهم وعضلتموهن بعدهم، ليذهب ذلك بسبب إنفاقهم له على أنفسهن في زمن العضل، أو بسبب افتدائهن لأنفسهن به منكم، ثم استثنى من تحريم العضل في جميع الحالات فقال :﴿إلا أن﴾ أي لا تفعلوا ذلك لعلة من العللل إلا لعلة أن ﴿يأتين بفاحشة﴾ أي فعلة زائدة القبح ﴿مبينة﴾ أي بالشهود الأربعة إن كانت زنى فاعضلوهن بالإمساك في البيوت - كما مضى - لأن من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه، أو بمن يقبل من الشهود إن كانت نشوزاً وسوء عشرة، فلكم العضل حينئذ إلى الصلاح أو الافتداء بما تطيب به النفس، والأنسب لسياق الأمر في ﴿وعاشروهن﴾ أن يكون ﴿تعضلونه﴾ منهياً، لا معطوفاً على " أن ترثوا " ﴿بالمعروف﴾ أي من القول والفعل بالمبيت والنفقة والموادة قبل الإتيان بالفاحشة ﴿فإن﴾ أي إن كنتم لا تكرهونهن فالأمر واضح، وإن ﴿كرهتموهن﴾ فلا تبادروا إلى المضاجرة أو المفارقة، واصبروا عليهن نظراً لما هو الأصلح، لا لمجرد الميل النفسي، فإن الهوى شأنه أن لا يدعو إلى خير ثم دل على هذه العلة بقوله :﴿فعسى﴾ ولوضوح دلالتها على ذلك صح جعلها جواباً للشرط ﴿أن تكرهوا شيئاً﴾ أي من الأزواج أو غيرها، لم يقيده سبحانه تعميماً تتميماً للفائدة ﴿ويجعل الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة، وغيَّب بحكمته علمكم العواقب لئلا تسكنوا إلى مألوف، أو تنفروا من مكروه ﴿فيه خيراً كثيراً *﴾ ولما نهى عن العضل تسبباً إلى إذهاب بعض ما أعطيته المرأة أتبعه التصريح بالنهي عن أخذ شيء منه في غير الحالة التي أذن فيها في المضارة فقال :﴿وإن﴾ أي إن لم تعضلوا المرأة، بل ﴿أردتم استبدال زوج﴾ أي تنكحونها ﴿مكان زوج﴾ أي فارقتموها أو لا، ولم يكن من قبلنا ما يبيح الضرار.