ولما كان المراد بزوج الجنس جمع في قوله :﴿وآتيتم إحداهن﴾ أي إحدى النساء اللاتي وقع الإذن لكم في جمعهن في النكاح سواء كانت بدلاً أو مستبدلاً بها ﴿قنطاراً﴾ أي مالاً جماً ﴿فلا تأخذوا منه شيئاً﴾ أي بالمضارة عن غير طيب نفس منها، ولا سبب مباح، ثم عظم أخذه باستفهام إنكار وتوبيخ فقال :﴿أتأخذونه﴾ أي على ذلك الوجه، ولما تقدم أن من صور الغصب على الافتداء حال الإتيان بالفاحشة شبه الأخذ في هذه
٢٣٠
الحالة التي لا سبب لها بالأخذ في تلك الحالة، فجعل الأخذ على هذه الصورة قائماً مقام القذف بما لا حقيقة له فلذلك قال :﴿بهتاناً وإثماً مبيناً *﴾ أ يكذوي بهتان في أخذه وإثم مبين - لكونه لا سبب له - يورث شبهة فيه، ثم غلظ ذلك باستفهام آخر كذلك فقال :﴿وكيف تأخذونه وقد﴾ أي والحال أنه قد ﴿أفضى﴾ أي بالملامسة ﴿بعضكم إلى بعض﴾ أي فكدتم أن تصيروا جسداً واحداً ﴿وأخذن﴾ أي النساء ﴿منكم﴾ أي بالإفضاء والاتحاد ﴿ميثاقاً غليظاً *﴾ قوياً عظيماً، أي بتقوى الله في المعاشرة بالإحسان وعدم الإساءة، لأن مبنيى النكاح على ذلك وإن لم يصرح به فيه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٢٩
ولما كرر ذكر الإذن في نكاحهن وما تضمنه منطوقاً مفهوماً، وكان قد تقدم الإذن في نكاح ما طاب من النساء، وكان الطيب شرعاً قد يحمل على الحل ؛ مست الحاجة إلى مايحل منهن لذلك وما يحرم فقال :﴿ولا تنكحوا﴾ أي تتزوجوا وتجامعوا ﴿ما نكح﴾ أي بمجرد العقد في الحرة، وبالوطء في ملك اليمين ﴿آبأؤكم﴾ وبين ﴿ما﴾ بقوله :﴿من النساء﴾ أي سواء كانت إماء أو لا، بنكاح أو ملك يمين، وعبر بما دون " من " لما في النساء غالباً من السفه المدني لما لا يعقل.


الصفحة التالية
Icon