ولما كان كأنه قيل : هل هذا لكل عاجز عن الحرة ؟ استؤنف جواب هذا السؤال بقوله تعالى مشيراً بأداة البعد إلى أنه مما لا يحسن قربه :﴿ذلك﴾ أي حل نكاح الإماء الذي ينبغي البعد منه ﴿لمن خشي العنت﴾ أي الوقوع في الزنا الموجب للإثم المقتضي للهلاك بالعذاب في الدنيا والآخرة بما عنده من عظيم الداعية إلأى النكاح ومشقة الصبر عنه ؛ قالوا : وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة وضرر ؛ قال الأصبهاني : وقيل : إن الشبق الشديد والغلمة العظيمة قد يؤدي بالإنسان إلى الأمراض الشدية، أما في حق النساء فقد يؤدي إلى اختناق الرحم، وأما في حق الرجال فقد يؤدي إلى أوجاع الوركين والظهر.
ولما كان هذا التخفيف والتيسير خاصاً بالمؤمنين منا قيد بقوله :﴿منكم﴾ ولما بين إباحته وأشار إلى البعد عنه لما فيه من استرقاق الولد صرح بالندب إلى حبس النفس عنه فقال :﴿وإن تصبروا﴾ أي عن نكاحهن متعففين ﴿خير لكم﴾ أي لئلا تعيروا بهن، أو تسترق أولادكم منهن، ثم أتبع ذلك بتأكيده لذوي البصائر والهمم في سياق دال على رفع الحرج فقال :﴿والله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام ﴿غفور﴾ أي لمن لم يصبر، والمغفرة تشير إلى نوع تقصير ﴿رحيم *﴾ أي فاعل به فعل الراحم منكم بالإذن في قضاء وطره واللطف فيما يتبع ذلك من المحذور.
٢٣٧
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣٥


الصفحة التالية
Icon