ولما نهى سبحانه عن ذلك علله بما ينبه على السعي في الاسترزاق والإجمال في الطلب، كما قال ﷺ فيما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن شداد بن أوس رضي الله عنه "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله" وكما قال ﷺ فيما رواه مسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٤٥
ولكن قل : قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" فقال مشيراً إلى أنه لا ينال أحد جميع ما يؤمل :﴿للرجال نصيب﴾ أي قد فرغ من تقديره فهو بحيث لا يزيد ولا ينقص، وبين سبحانه أنه ينبغي الطلب والعمل، كما أشار إليه الحديث فقال :﴿مما اكتسبوا﴾ أي كلفوا أنفسهم وأتعبوها في كسبه من أمور الدارين من الثواب وأسبابه من الطاعات ومن الميراث والسعي في المكاسب والأرباح "جعل رزقي تحت ظل رمحي " " لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً" ﴿وللنساء
٢٤٩
نصيب مما اكتسبن﴾
أي وكذلك فالتمني حينئذ غير نافع، فالاشتغال به مجرد عناء.
ولما أشار بالتبعيض إلى أن الحصول بتقديره، لا بالكسب الذي جعله سبباً، فإنه تارة ينجحه وتارة يخيبه، فكان التقدير : فاكتسبوا ولا تعجزوا فتطلبوا بالتمني ؛ أمر بالإقبال - في الغنى وكل شيء - عليه إشارةإلى تحريك السبب مع الإجمال في الطلب فقال :﴿وسئلوا الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال.


الصفحة التالية
Icon