الصلاة لسانه فقط لا عن عمد الكلم عن واضعه ؛ أتبعها التصريح بالتعجيب من حال المحرفين بالقلب واللسان عمداً وعدواناً اجتراء على الله سبحانه وتعالى، الملوح إليهم بالآية السابقة أنهم يريدون لنا الضلال عما هديا إليه من سننهم فقال :﴿ألم تر﴾ ولما كانوا بمحل البعد - بما لهم من اللعن - عن حضرته الشريفة، عبر بأداة الانتهاء، بصرية كانت الرؤية أو قلبية، فقال :﴿إلى الذين أوتوا﴾ وحقر أمرهم بالبناء للمفعول وبقوله :﴿نصيباً من الكتاب﴾ أي كشاش بن قيس الذي أراد الخلق بين الأنصار، وفي ذلك أن أقل شيء من الكتاب يكفي في ذم الضلال، لأنه كاف في الهداية ﴿يشترون﴾ أي يتكلفون ويلحون - بما هم فيه من رئاسة الدنيا من المال والجاه - أن يأخذوا ﴿الضلالة﴾ معرضين عن الهدى غير ذاكرية بوه، وسبب كثير من ذلك ما في دينهم من الآصال والأثقال، كما أشار إليه قوله سبحانه وتعالى ﴿فخلف من بعدهم خلق اضاعوا الصلاة﴾ [مريم : ٥٩] أي بسبب ما شدد عليهم فيها بأنها لا تفعل إلا في الموضع المبني لها، وبغير ذلك من أنواع الشدة، وكذا غيرها المشار إليه بقوله سبحانه وتعالى ﴿فبما نقضهم ميثاقهم﴾ [النساء : ١٥٥] وغير ذلك، ومن ا'ظمه ما يخفون من صفة النبي ﷺ، ليتقربوا بذلك إلى أهل دينهم، ويأخذوا منهم الرشى على ذلك، ويجعلوهم عليهم رؤساء.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٦١


الصفحة التالية
Icon