والذين} ولما كان المكذبون إنما هم بعض المتقدمين أدخل الجار فقال :: ﴿من قبلهم﴾ وقد نقلت إليكم أخبارهم وقوتهم واستظهارهم فكأنه قيل : ماذا كانت عادتهم ؟ فقيل :﴿كذبوا﴾ ولما كان التكذيب موجباً للعقوبة كان مظهر العظمة به أليق، فصرف القول إليه فقال :﴿بآيتنا﴾ السورية والصورية مع ما لها من العظمة بما لها من إضافتها إلينا ﴿فأخذهم﴾ ولما أفحشوا في التكذيب عدل إلى أعظم من مظهر العظمة تهويلاً لأخذهم فقال :﴿الله﴾ فاظهر الاسم الشريف تنبيهاً على باهر العظمة :﴿بذنوبهم﴾ أي من التكذيب وغيره.
قال الحرالي : فيه إشعار بأن صريح المؤاخذة مناط بالذنوب، وأن المؤاخذة الدنيوية لا تصل إلى حد الانتقام على التكذيب، فكان ما ظهر من أمر الدنيا يقع عقاباً على ما ظهر من الأعمال، وما بطن من أمر الآخرة يستوفي العقاب على ما أصرت عليه الضمائر من التكذيب، ولذلك يكون عقاب الدنيا طهرة للمؤمن لصفاء باطنه من التكذيب، ويكون واقع يوم الدنيا كفاف ما جرى على ظاهره من المخالفة فكأن الذنب من المؤمن يقع في دنياه خاصة، والذنب من الكافر يقع في دنياه وأخراه من استغراقه لظاهره وباطنه، وأظهر الاسم الشريف ولم يضمر للتنبيه على زيادة العظمه في عذابهم لمزيد اجترائهم فقال :﴿والله﴾ أي الحال أن الملك الذي لا كفوء له في جبروته ولا شيء من نعوته ﴿شديد العقاب﴾ لا يعجزه شيء.
٣٠


الصفحة التالية
Icon