من منزل الوحي، وكما أبان فيه فرقان الوحي أبان فيه أيضاً فرقان الخلق وما اشتبه من أمر الدنيا والآخرة ووام التبس على أهل الدنيا من أمر الخلق بلوائح آيات الحق عليهم، فتبين في الفرقان محكم الوحي من متشابهه، ومحكم الخلق من متشابهه وكان متشابه الخلق هو المزين من متاع الدنيا، ومحكم الخلق هو المحقق من دوام خلق الآخرة، فاطلع نجم هذه الآية لإنارة غلس ما بنى عليه أمر التوراة من إثبات أمر الدنيا لهم وعداً ووعيداً، لتكون هذه الآية تطئة لتحقيق صرف النهي عن مد اليد والبصر إلى ما متع به أهلها، فأنبأ تعلاى أن متاع الدنيا أمر مزين، لا حقيقة لزينته ولا حسن لما وراء زخرفة فقال :﴿زين للناس﴾ فأبهم المزين لترجع إليه ألسنة التزيين مما كانت في رتبة علو أو دنو، وفي إناطة التزيين بالناس دون الذين آمنوا ومن فوقهم إيضاح لنزول سنهم في أسنان القولب وأهم ملوك الدنيا وأتباعهم ورؤساء القبائل وأتباعهم الذين هم أهل الدنياد ﴿حب الشهوات﴾ جمع شهوة، وهي نزوع النفس إلى محسوس لا تتمالك عنه - انتهى.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١


الصفحة التالية
Icon