ولما ذكر الحرم والأشهر الحرم ذكر ما يهدى للحرم فقال :﴿ولا الهدي﴾ وخص منه أشرفه فقال :﴿ولا القلائد﴾ أي صاحب القلائد من الهدي، وعبر بها مبالغة في تحريمه ؛ ولما أكد في احترام ما قصد به الحرم من البهائم رقّى الخطاب إلى من قصده من العقلاء، فإنه مماثل لما تقدمه في أن قصد البيت الحرام حامٍ له وزاجر عنه، مع ما زاد به من شرف العقل فقال :﴿ولا آمين﴾ أي ولا تحلوا التعرض لناس قاصدين ﴿البيت الحرام﴾ لأن من قصد بيت الملك كان محترماً باحترام ما قصده.
ولما كان المراد القصد بالزيارة بقوله :﴿يبتغون﴾ أي حال كونهم يطلبون على سبيل الاجتهاد ﴿فضلاً من ربهم﴾ أي المحسن إليهم شكراً لإحسانه، بأن يثيبهم على ذلك، لأن ثوابه لا يكون على وجه الاستحقاق الحقيقي أصلاً ؛ ولما كان الثواب قد يكون مع السخط قال :﴿ورضواناً﴾ وهذا ظاهر في المسلم، ويجوز أن يراد به أيضاً الكافر، لأن قصده البيت الحرام على هذا الوجه يرق قلبه فيهيئه للإسلام، وعلى هذا فهي منسوخة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٨
ولما كان التقدير : فإن لم يكونوا كذلك.
أي في أصل القصد ولا في وصفه - فهم حل لكم وإن لم تكونوا أنتم حرماً، والصيد حلال لكم، عطف عليه التصريح بما أفهمه التقييد فيما سبق بالإحرام فقال :﴿وإذا حللتم﴾ أي من الإحرام بقضاء المناسك
٣٨٨
والإحصار ﴿فاصطادوا﴾ وترك الشهر الحرام إذ كان الحرام فيه حراماً في غيره، وإنما صرح به تنويهاً بقدره وتعظيماً لحرمته، ثم أكد تحريم قاصد المسجد الحرام وإن كان كافراً، وإن كان على سبيل المجازاة بقوله :﴿ولا يجرمنكم﴾ أي يحملنكم ﴿شنئان قوم﴾ أي شدة بغضهم.