ولما كان الطيبات أعم من المآكل قال :﴿وطعام الذين﴾ ولما كان سبب الحل الكتاب، ولم يتعلق بذكر مؤتيه غرض، بني الفعل للمجهول فقال :﴿أوتوا الكتاب﴾ أي مما يصنعونه أو يذبحونه، وعبر بالطعام الشامل لما ذبح وغيره وإن كان المقصود المذبوح، لا غيره، ولا يتخلف حاله من كتابي ولا غيره تصريحاً بالمقصود ﴿حل لكم﴾ أي تناوله لحاجتكم، أي مخالطتهم للإذن في إقرارهم على دينهم بالجزية، ولما كان هذا مشعراً بإبقائهم على ما اختراوا لأنفسهم زاده تأكيداً بقوله :﴿وطعامكم حل لهم﴾ أي فلا عليكم في بذله لهم ولا عليهم في تناوله.
ولما كانت الطيبات أعم من المطاعم وغيرها، وكانت الحاجة إلى المناكح بعد الحاجة إلى المطاعم، وكانت المطاعم حلالاً من الجانبين والمناكح من جانب واحد قال :﴿والمحصنات﴾ أي الحرائر ﴿من المؤمنات﴾ ثم أكد الإشارة إلى إقرار أهل الكتاب فقال :﴿والمحصنات﴾ أي الحرائر ﴿من الذين أوتوا الكتاب﴾ وبنى الفعل للمفعول للعلم بمؤتيه مع أنه لم يتعلق بالتصريح به غرض.
ولما كان إيتاؤهم الكتاب لم يستغرق الزمن الماضي، أثبت الجار فقال :﴿من قبلكم﴾ أي وهم اليهود والنصارى، وعبر عن العقد بالصداق للملابسة فقال مخرجاً للأمة لأنها لا تعطى الأجر وهو الصداق، لأنها لا تملكه بل يعطاه سيدها :﴿إذا آتيتموهن أجورهن﴾ أي عقدتم لهن، ودل مساق الشرط على تأكد وجوب الصداق، وأن من تزوج وعزم على عدم الإعطاء، كان في صورة الزاني، وورد فيه حديث، وتسميته بالأجر تدل على أنه لا حد لأقله.


الصفحة التالية
Icon