ولما كان المراذ بالأجر المهر، وكان في اللغة يطلق على ما يعطاه الزانية أيضاً، بينه بقوله :﴿محصنين﴾ أي قاصدين الإعفاف والعفاف ﴿غير مسافحين﴾ أي قاصدين صب الماء لمجرد الشهوة جهاراً ﴿ولا متخذي أخذان﴾ أي صدائق لذلك في السر، جمع خدن، وهو يقع على الذكر والأنثى، فكانت هذه الآية مخصصة لقوله تعالى ﴿ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن﴾ [البقرة : ٢٢١] فبقي على التحريم مما تضمنته تلك ما عدا الكتابيات من الوثنيات وغيرهن من جميع المشركات حتى المنتقلة من الكتابيات من دينها إلى غير دين الإسلام، وصرح هنا بالمؤمنات المقتضي لهن قوله تعالى في النساء
٣٩٨
﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ [النساء : ٢٤] وقوله ﴿ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات﴾ [النساء : ٢٥]ـ ولعل ذكر وصف الإحصان الواقع على العفة للتنبيه على أنه لا يقصد المتصفة بغيره لمجرد الشهوة إلا من سلب الصفات البشرية، وأخلد إلأى مجرد الحيوانية، فصار في عداد البهائم، بل أدنى، مع أن التعليق بذلك الوصف لا يفهم الحرمة عند فقده، بل الحل من باب الأولى، لأن من حكم مشروعية النكاح الإعفاف، فإذا شرع إعفاف العفائف كان شرع إعفاف غيرهن أولى، لأن زناها إما لشهوة أو حاجة، وكلاهما للنكاح مدخل عظيم في نفيه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٧
والله أعلم.
ولما كان السر في النهي عن نكاح المشركات في الأصل ما يخشى من الفتنة، وكانت الفتنة.
وإن علا الدين روسخ الإيمان واليقين.


الصفحة التالية
Icon