على الذكر والجهاد والشكر وأنواع السعي في رضى السيد، وحازوا النقدين لا للكنز، بل للإنفاق في سبيل الخيرات، وربطوا للجهاد، لا للفخر والرئاسة على العباد بل لقمع أولياء الشيطان ورفع أولياء الرحمن المسلتزم لظهور الإيمان، كما بين النبي ﷺ متشابه اقتنائها فقال :"وهي لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر" ثم عظم سبحانه وتعالى ما لهم بقوله مرغباً بلفت القول إلى وصف الإحسان إليهم بلباس التقوى الموجب لإيثارهم الآخرة على الدنيا، وقوله :﴿جنّات﴾ مرفوع بالابتداء، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف إذا كان وللذين، متعلقاً بخير، ثم وصفها بقوله :﴿تجري من تحتها الأنهار﴾ أي أن ماؤها غير مجلوب، بل كل مكان مها متهيىء لأن ينبع منه ماء يجري لتثبت بهجتها وتدوم زهرتها ونضرتها، ثم أشار بقوله :﴿خالدين فيها﴾ إلى أنها هي المشتملة على جميع الإحسان المغنية عن الحرث والأنعام، وأن ذلك على وجه لا انقطاع له.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١
قال الحرالي : ولعله إنما خص من بين ما تقدم من الشهوات ذكر النسوان في قوله :﴿وأزواج﴾ لأنها أعظم المشتهيات، ولا يكمل التلذذ بها إلا بحصول جميع ما يتوقف ذلك عليه، فصار ذكرهن على سبيل الامتنان من القادر كناية عن جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين.
ولما كانت التقوى حاملة على تطهير الأنفس من أوضار الأدناس من الأوصاف السيئة وكان الوصف بالمفرد أدل على أنهن في أصل الطهارة كأنهن نفس واحدة قال عادلاً عما هو الأولى من الوصف بالجمع لجمع من يعقل :﴿مطهرة﴾ لأنهن مقتبسات من أنفسهم ﴿خلق لكم من أنفسكم أزواجاً﴾ [الروم : ٣١].
ولما ذكر حظ البدن قرر لذة هذا النعيم بما للروح، وزاده من الأضعاف المضاعفة
٣٧