﴿وشهداء﴾ يمكن أن يكون من الشهادة التي هي حضور القلب - كما تقدم من قوله ﴿أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ [ق : ٣٧] وأن يكون من الشهادة المتعارفة، ويوضح المناسبة فيها مع تأييد إرادتها كونها بعد قوله ﴿إن الله عليم بذات الصدور﴾ [آل عمران : ١١٩] ومع قوله تعالى :﴿ومن يكتمها فإنه آثم قلبه﴾ [البقرة : ٢٨٣] وختام آية النساء التي في الشهادة بقوله :﴿وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً﴾ [النساء : ١٣٥] كما ختمت هذه بمثل ذلك.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٥
ولما أمر سبحانه ونهى، بشر وحذر فقال :﴿وعد الله﴾ أي الملك الذي له الكمال المطلق فله كل شيء ﴿الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان بألسنتهم ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لهذا الإقرار ﴿الصالحات﴾ وترك المفعول الثاني أقعد في باب البشارة، فإنه يحتمل كل خير، وتذهب النفس في تحريزه كل مذهب.
ولما كان الموعود في صيغة دالة على الثبات والاختصاص :﴿لهم مغفرة﴾ أي لما فرط منهم لما طبع الإنسان عليه من النقص نسياناً أو عمداً، بعمل الواجبات إن كان صغيرة، وبالتوبة إن كان كبيرة، وفيه إشارة إلى أنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره ؛ ولما أمنهم بالتجاوز أتبعه الجود بالعطاء فقال ﴿وأجر﴾ أي على قدر درجاتهم من حسن العمل ﴿عظيم *﴾ أي لا يدخل تفاوت درجاته تحت الحصر.


الصفحة التالية
Icon