فعقد له عقداً فجعله في بئر رجل من الأنصار، فأتاه ملكان يعودانه فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أحدهما : أتدري ما وجعه ؟ قال : فلان الذي يدخل عليه عقد له عقداً فألقاه في بئر فلان الأنصاري، فلو أرسل إليه رجلاً لوجد الماء أصفر، فبعث رجلاً فأخذ العقد فحلّها فبرأ، فكان الرجل بعد ذلك يدخل على النبي ﷺ فلم يذكر له شيئاً منه ولم يعاتبه " وللشيخين عن أنس رضي الله عنه " أن امرأة يهودية أتت النبي ﷺ بشارة مسمومة فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله ﷺ فسألها عن ذلك فقالت : أردت لأقتلك، قال :"ما كان الله ليسلطك على ذلك" - أو قال :"عليّ" - قالوا : فلا تقتلها ؟ قال :"لا"، قال : فما زلت أعرفها في لهوات النبي صلى الله عليه وسلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٥
وفي رواية : إنها كانت سبب موت النبي صلى الله عيله وسلم بانقطاع أبهره الشريف مناه بعد سنين " وفي سنن أبي داود من وجه مرسل أنه قتل اليهودية.
والأول هو الصحيح، وسيأتي لهذا الحديث ذكر في هذه السورة عند ﴿والله يعصمك من الناس﴾ [المائدة : ٦٧]، فهذا غاية العفو والإحسان امتثالاً لأمر الله سبحانه.
ولما دخل النصارى فيما مضى لأنهم من بني إسرائيل، خصهم بالذكر لان كفرهم أشد وأسمج فقال :﴿ومن الذين قالوا﴾ أي مسمين أنفسهم ملزمين لها النصرة لله، مؤكدين قولهم رداً على من يرتاب فيه :﴿إنا نصارى﴾ أي مبالغون في نصرة الحق، فالتعبير بذلك دون ومن النصارى تنبيه على أنهم تسموا بما لم يفوا به ﴿أخذنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿ميثاقهم﴾ أي كما أخذ على الذين من قبلهم.
ولما كان كفرهم في غاية الظهور والجلاء، لم ينسبهم إلى غير الترك فقال :﴿فنسوا﴾ أي تركوا ترك الناسي ﴿حظاً﴾ أي نصيباً عظيماً يتنافس في مثله {مما ذكروا
٤١٧


الصفحة التالية
Icon