به} أي في الإنجيل مما سبق لهم ذكره في التوراة من أوصاف نبيه ﷺ وغير ذلك من الحقز ولما أدى ذلك إلى تشعبهم فرقاً، فأنتج تشاحنهم وتقاطعهم وتدابرهم، سبب عنه قوله :﴿فأغرينا﴾ أي ألصقنا بعظمتنا إلصاق ما هو بالغراء لا ينفك بل يصير كجزء الشيء ﴿بينهم﴾ أي النصارى بعد أن جعلناهم فرقاً مباينين بتفريق الدين، وكذا بينهم وبين اليهود ﴿العداوة﴾ ولما كان العداوة قد تكون عن بغي ونحوه إذا زال زالت أو خفت، قال معلماً أنها لأمر باطني نشأ من تزيين الهوى، فهو ثابت غير منفك :﴿والبغضاء﴾ بالأهواء المختلفة ﴿إلى يوم القيامة﴾ ولما أخبر بنكدهم في الدنيا، أعقبه ما لهم في الأخرى فقال :﴿وسوف ينبئهم﴾ أي يخبرهم ﴿الله﴾ أي الملك الأعلى المحيط بكل شيء قدرة وعلماً إخباراً بعظيم الشأن بما فيه من عظم التقريع والتوبيخ في الآخرة بوعيد لا خلف فيه ؛ ولما كانت خيانتهم قد صارت لهم فيها ملكات بما لازموا منها حتى ضربوا بها وتدربوا عليها، حتى صارت لهم أحوالاً لأنفسهم وأخلاقاً لقلوبهم، سماها صنائع فقال :﴿بما كانوا يصنعون *﴾ أي دربوا أنفسهم عليه حتى صار كالصنعة، فيجازيهم عليه بما يقيم عليهم من الحجة.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٥


الصفحة التالية
Icon